الحجاج وفد الله في أرضه | شيخ أيمن بكار


نشرت: يوم الأَربعاء،31-يوليو-2019

الحجاج وفد الله في أرضه

الحج من أعظم العبادات، وأفضل القربات، فضائله كثيرة، لو أردنا تعدادها، والواحدة منها عظيمة، لو أردنا الحديث عنها، جاءت فيه آيات قرآنية عظيمة، وأحاديث نبوية شريفة، ووقعت في تاريخه معجزات كريمة، وفي مناسكه ما يدلّ على تجرد الإنسان وخروجه عن حوله وقوته ونفسه، وعلى افتقاره واستسلامه للمولى الجليل سبحانه، وقد اخترنا لكم قطوفاً من الروضة الشريفة، والدوحة المنيفة، نستشعر بها بعض هذه المعاني:

الحاج في ضمان الله تعالى:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

ثلاثة في ضمان الله عز وجل، رجلٌ خرج من بيته إلى مسجد من مساجد الله عزّ وجلّ، ورجلٌ خرج غازياً في سبيل الله عزّ وجلّ، ورجلٌ خرج حاجاً.(مسند الحميدي: ١١٢١)

الله سبحانه خالق كل شيء ومليكه، يعلم كل شيء، ويقدر على كل شيء، يصرف الأمور ويدبر الكون، ولا يجري أمرٌ ولا يقع حادث إلا بعلمة وإرادته وقدرته، الحاج في ضمان الإله العظيم.

الحاج وفد الله تعالى:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

وَفْدُ اللهِ عز وجل ثَلاثَةٌ: الغازي والحاجُّ والمعتمر.(سنن النسائي: ٣١٢١)

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

الغازي في سبيل الله، والحاج والمعتمر وفد الله، دعاهم فأجابوه، وسألوه فأعطاهم.(سنن ابن ماجه: ٢٨٩٣)

الكرام يكرمون وفودهم، ويحسنون ضيافة زوارهم، ويغدقون عليهم من عطاءاتهم، ويستمعون لمقالهم، ويستجِيبون لطلباتهم، فكيف بك أيها الحاجُّ إذا كنت وفد الله عز وجل، فهل هناك أكرم وأعظم وأرحم وأجزل عطاءً منه سبحانه وتعالى.

الحج بداية جديدة:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

من أتى هذا البيت فلم يَرْفُثْ ولم يَفْسُقُ رَجَعَ كما وَلَدتْه أمُّه. (متفق عليه)

الإنسان خطّاء شاء أم أبى، إلا من عصمهُ الله أو حفظه، والأخطاء ذنوبٌ مكدراتٌ للحياة الدنيا، مهلكاتٌ في الحياة الآخرة، وخير ما يقوم به الإنسان التوبة والإنابة والرجوع إلى الله تعالى بالندم والاستغفار، وخير التوبة الحج المبرور، فهذا يعيدك كمن لم يذنب من قبل إن أحسنت.

الحج يهدم الذنوب:

عن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: لما جعل اللهُ الإسلامَ في قلبي أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: ابْسُطْ يَمِينَكَ فَلأُبايِعْكَ، فَبَسَطَ يَمِينَهُ، قالَ: فَقَبَضْتُ يَدِي، قالَ: ما لكَ يا عَمْرُو؟ قَالَ: قُلْتُ: أَرَدْتُ أَنْ أَشْتَرِطَ، قَالَ: تَشْتَرِطُ بِمَاذَا؟ قُلْتُ: أَنْ يُغْفَرَ لِي، قَالَ:

أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله؟ وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها؟ وأن الحج يهدم ما كان قبله؟. (رواه مسلم: ١٢١)

الذنوب إذا كثرت أو عَظُمت فإنها تتكدس كجبلٍ كبيرٍ وظلامِ دامسٍ على قلب الإنسان، مدنسةً لروحه، فتتحول الحياة بها إلى ضنكٍ وشقاء، والحج المبرور يفتّت هذا الجبل، ويبدّد هذه الظلمة، ويهدم هذه الذنوب من أساسها.

الحج أجره عظيم:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

ما تَرفَع إبلُ الحاج رِجلاً ولا تضع يداً إلا كتب الله له بها حسنةً، أو محا عنه سيئةً، أو رفعه بها درجةً. (شعب الإيمان: ٣٨٢١)

عُرِفَ في زماننا أنْ هناك تجاراً كباراً، يلقب أحدهم بالملياردير، إذا سألت أحدهم عن حجم ثروته وماله، يقول لك: قبل السؤال أم بعده؟ إشارة لِعَظمِ أموالهم وسرعة تناميها وتكثرها، فهي تزداد في كل دقيقة، وكأنها ماكينة وعداد يقلب الأرقام قلباً، وكذلك المسلم في حجه فإن نيته وسفره ونصَبه وأيامه ودقائقها التي يمضيها، يكتسب فيها حسنات، ويمحى عنه سيئات، وترفع منزلته درجات، غير أنَّ الفارق بين ملياردير الحج وملياردير المال، أنَّ الحج وكنوزه وثوابه يبقى وينتفع به ويثاب عليه، والمال يذهب ويفنى هباء منثوراً.

الحج كنوزه كثيرة:

- شاهدٌ لك: يشهد كثير من الكائنات على الإنسان بمعاصيه التي ارتكبها في الدنيا في موقفٍ هو بأشد الحاجة إلى من ينصره، ويقابل شهادتهم بضدها، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

لَيَبْعَثَنَّ اللَّهُ هَذَا الرُّكْنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَهُ عَيْنَانِ يُبْصِرُ بِهِمَا، وَلِسَانٌ يَنْطِقُ بِهِ يَشْهَدُ لِمَنِ اسْتَلَمَهُ بِحَقٍّ.(رواه ابن حبان: ٣٧١٢)

- الشفاء وقضاء الحاجاتيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:

ماء زمزم لما شُربَ له.(رواه ابن ماجة: ٣٠٦٢)

فيشرب للشفاء وطلب العلم والخير والبركة والحفظ من كل سوء وشر.

- نور يوم الظلمة: يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:

إِذا رميتَ الجمار كان لك نوراً يوم القيامة.(الترغيب والترهيب: ١٨٠٦)

ولك أنْ تتخيل حاجتنا وافتقارنا إلى نورٍ يضيء لنا الطريق في يومٍ تشخَص فيه الأبصار.!

- مضاعفة الثواب: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ، إِلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ، وَصَلَاةٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَفْضَلُ مِنْ مِائَةِ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ.(رواه أحمد في مسنده: ١٥٢٧١)

فهذا كنز عظيم وعلى الحاج أن يغتنم أوقاته في العبادات والصلوات، لما لتلك الأماكن المباركة من فضل وأجر.

فالحج لا يتقاصر عن أداءه إلا محروم، ومن لم تتوفر له أسبابه والقدرة عليه فهو معذور عند الله تعالى، فقد أوجبه على من استطاع إليه سبيلاً..فالحج لا يتقاصر عن أداءه إلا محروم، ومن لم تتوفر له أسبابه والقدرة عليه فهو معذور عند الله تعالى، فقد أوجبه على من استطاع إليه سبيلاً..

والحمد لله رب العالمين.

تعليقات



رمز الحماية