اَلْحَمْدُ للهِ، أنَا حَرِيْصٌ على نَفْعِ الْمُؤْمِنِيْنَ، وأَتَمَنَّى لهم دَوَامَ الصِّحَّةِ والْعَافِيَةِ، فيَنْبَغِي لِلْمُعْتَكِفِ: أَن يَحْرِصَ على تَقْلِيْلِ طَعَامِه، وأَن يَقْتَصِرَ منه على ما يُعِيْنُه على الْعِبَادَةِ لِكَيْ يَسْتَطِيْعَ أَن يَتَفَرَّغَ لعِبَادَةِ اللهِ وطاعَتِه، ويَخْرُجَ لِلسَّفَرِ في سبيلِ الله معَ قَافِلَةِ المدينة، بَعْدَ نهَايَةِ الاعْتِكَافِ، فمَنْ تَمَسَّكَ بهذهِ النَّصَائِحِ طُوْلَ حَيَاتِه، نَجَا مِنْ كُلِّ الأَمْرَاضِ إنْ شَاءَ اللهُ عزّ وجلّ، وزَادَتْ له الرَّغْبَةُ في العِبَادَةِ والطَّاعَةِ، والْخُرُوجِ لِلسَّفَرِ في سبيلِ الله مع قَافِلَةِ الْمَدِيْنَةِ ويُمْكِنُ له أَدَاءُ الصَّلاَةِ، وتَطْبِيْقُ السُّنَّةِ وخِدْمَةُ الْوَالِدَيْنِ والأَوْلاَدِ، وإنْ اِلْتَزَمَ أَحَدٌ بِالدِّيْنِ وَاقْتَرَبَ منه، فإنَّه يَكُوْنُ لي صَدَقَةٌ جَارِيَةٌ، إن شاء الله عزّ وجلّ. وأمَّا مَن يَتْرُكُ الصَّلاَةَ، ويَبْتَعِدُ عَن الْعِبَادَاتِ ويَظْلِمُ النَّاسَ، ويَغْصِبُ أَمْوَالَهم ويَقْتَرِفُ الذُّنُوبَ فإنَّ صُحْبَتَه تُسَبِّبُ الذُّنُوبَ والسَّيِّئَاتِ.
يقولُ حُجَّةُ الإسلام سَيِّدُنَا الإمَامُ محمّد الغزاليُّ رحمه الله تعالى: «مَن دَعَا بطُوْلِ بَقَاءِ الْفَاسِقِ والظَّالِمِ فقد أَحَبَّ أَن يُعْصَى الله في أَرْضِه»[1]. ولكِنْ يَجُوْزُ الدُّعاءُ لِلظَّالِمِ والْفَاسِقِ بدَوَامِ الصِّحَّةِ والْعَافِيَةِ، بِشَرْطِ الاجْتِنَابِ عَن الظُّلْمِ والْفِسْقِ.
عن سَيِّدِنَا جَرِير بنِ عبد الله رضي الله تعالى عنه قال: «بايَعْتُ النَّبِيَّ الْكَرِيمَ صلّى الله تعالى عليه وآله وسلّم على إِقَامِ الصَّلاَةِ وإِيْتَاءِ
[1] ذكره أبو حامد محمد بن محمد بن محمد الغزالي في رسالته: "أيها الولد"، (مجموعة رسائل الغزالي)، صـ٢٦٦.