ترتيبًا أقربَ تناولاً من ترتيبه, ولم أبالغ في اختصار لفظه تقريبًا لتعاطيه وطلبًا لتسهيل فهمه على طالبيه, وأضفت إلى ذلك فوائدَ عثرت في بعض كتب القوم عليها وزوائدَ لم أظفر في كلام أحد بالتصريح بها ولا بالإشارة إليها, وسمّيته "تلخيصَ المفتاح" وأنا أسئل الله من فضله أن ينفع به كما نفع بأصله إنّه ولِيُّ ذلك وهو حسْبي ونعم الوكيل.
مقدّمة
الفصاحة يوصَف بها المفرد والكلام والمتكلّم, والبلاغة يوصف بها الأخيران فقط,
(ترتيبًا أقربَ تناولاً) أخذًا (من ترتيبه) أي: من ترتيب القسم الثالث (ولم أبالغ) أي: تركتُ المبالغة (في اختصار لفظه تقريبًا) مفعول له (لتعاطيه وطلبًا) عطف على ½تقريبًا¼ (لتسهيل فهمه على طالبيه) أي: على طالبي ما في المختصر من مسائل الفنّ (وأضفت) أي: ضممت (إلى ذلك) أي: إلى ما ذُكِر من القواعد والأمثلة والشواهد (فوائدَ عثرت) أي: اطلعت (في بعض كتب القوم) البيانيين (عليها) أي: على تلك الفوائد (و) أضفت (زوائدَ لم أظفر) أي: لم أفز (في كلام أحد) من أهل هذا الفنّ (بالتصريح بها) أي: بتلك الزوائد (ولا بالإشارة إليها) أي: لم أجد كلامَ أحد على وجهٍ يدلّ على تلك الزوائد بالقصد أو بالتبع (وسمّيته) أي: المختصرَ ("تلخيصَ المفتاح") ليدلّ العلَم كنايةً على معناه الإضافي, وإنما أضاف التلخيص إلى المفتاح مع أنه تلخيص قسمه الثالث لأنه أعظم أجزائه فتلخيصه تلخيصه. (وأنا أسئل الله من فضله أن ينفع به) أي: أسئل الله النفع بـ½تلخيص المفتاح¼ حال كونه من فضله (كما نفع بأصله) وهو القسم الثالث (إنّه) تعالى (ولِيُّ ذلك) النفع (وهو حسْبي) أي: كافِيّ (و) هو (نعم الوكيل) المفوّض إليه جميع الأمور. (مقدّمة) أي: هذه مقدّمة, اعلم أنّ المصـ رتّب كتابه على مقدِّمة وثلاثة فنون, المقدمة في بيانِ معنى الفصاحة والبلاغة وبيانِ انحصار علم البلاغة في علمي المعاني والبيان وبيانِ ما يناسب ذلك كالنسبةِ بين الفصاحة والبلاغة ومرجعِ البلاغة, والفنّ الأوّل في علم المعاني والثاني في علم البيان والثالث في علم البديع (الفصاحة يوصَف بها المفرد) أي: ما ليس بكلام نحو ½النفس¼ فصيح و½الجِرِشَّى¼ غير فصيح (و) يوصف بها (الكلام) مثل ½أنفه كالسراج¼ فصيح و½أنفه مسرّج¼ غير فصيح (و) يوصف بها (المتكلّم) نحو ½هذا الرجل فصيح¼ (والبلاغة يوصف بها الأخيران) أي: الكلام والمتكلم نحو ½الحمد لله¼ بليغ و½افرنقعوا¼ غير بليغ و½هذا الرجل¼ بليغ (فقط) أي: لا المفرد فلا يقال: