طَالِبٍ شَقِيْقُ أَبِيْهِ عَبْدِ اللهِ فَقَاَم بِكَفَالَتِهِ بِعَزْمٍ قَوِيٍّ وَهِمَّةٍ وَحَمِيَّةٍ وَقَدَّمَهُ عَلَى النَّفْسِ وَالْبَنِيْنَ وَرَبَّاهُ ۞ وَلَمَّا بَلَغَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً، رَحَلَ بِهِ عَمُّهُ أَبُوْ طَالِبٍ إِلَى الْبِلَادِ الشَّامِيَّةِ[1] وَعَرَفَهُ الرَّاهِبُ بَحِيْرَا بِمَا حَازَهُ مِنْ وَصْفِ النُّـبُوَّةِ وَحَوَاهُ ۞ وَقَالَ: إِنِّي أُرَاهُ سَيِّدَ الْعَالَمِيْنَ وَرَسُوْلَ اللهِ وَنَبِيَّهُ وَقَدْ سَجَدَ لَهُ الشَّجَرُ وَالْحَجَرُ، وَلَا يَسْجُدَانِ إلَّا لِنَبِيٍّ أَوَّاه ۞ وَإِنَّا لَنَجِدُ نَعْتَهُ فِي الْكُـتُبِ الْقَدِيْمَةِ السَّمَاوِيَّةِ وَبَيْنَ كَتِفَيْهِ خَاتَمُ النُّـبُوَّةِ، قَدْ عَمَّهُ النُّوْرُ وَعَلَاهُ ۞ وَأَمَرَ عَمَّهُ بِرَدِّهِ إِلـٰى مَكَّةَ تَخَوُّفًا عَلَيْهِ مِنْ أَهْلِ دِيْنِ الْيَهُوْدِيَّةِ فَرَجَعَ بِهِ وَلَمْ يُجَاوِزْ مِنَ الشَّامِ الْمُقَدَّسِ بُصْرَاهُ ۞
عَطِّرِ اللّٰهُمَّ قَبْرَهُ الْكَرِيْمَ
بِعَرْفٍ شَذِيٍّ مِنْ صَلَاةٍ وَتَسْلِيْمٍ
(اَللّٰهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَيْهِ)
وَلَمَّا بَلَغَ صَلَّى اللهُ تَعَالٰى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَمْسًا وَعِشْرِيْنَ سَنَةً، سَافَرَ إِلـٰى بُصْرٰى فِيْ تِجَارَةٍ لِخَدِيْجَةَ الْفَتِيَّةِ، وَمَعَهُ غُلَامُهَا مَيْسَرَةُ يَخْدِمُهُ وَيَقُوْمُ بِمَا عَنَاهُ ۞ فَنَزَلَ صَلَّى اللهُ تَعَالٰى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحْتَ شَجَرَةٍ لَدَى صَوْمَعَةِ نَسْطُوْرَا رَاهِبِ النَّصْرَانِيَّةِ فَعَرَفَهُ إذْ مَالَ إِلَيْهِ ظِلُّهَا الْوَارِفُ وَآوَاهُ ۞ وَقَالَ: مَا نَزَلَ تَحْتَ هذِهِ الشَّجَرَةِ قَطُّ إِلَّا نَبِيٌّ ذُوْ صِفَاتٍ نَقِيَّةٍ، وَرَسُوْلٌ قَدْ خَصَّهُ اللهُ تَعَالـٰى بِالْفَضَائِلِ وَحَبَاهُ ۞ ثُمَّ قَالَ لِمَيْسَرةَ: أَفِيْ عَيْنَيْهِ حُمْرَةٌ؟ اِسْتِظْهَارًا لِلْعَلَامَةِ الْخَفِيَّةِ فَأَجَابَهُ بِـ: نَعَمْ فَحَقَّ لَدَيْهِ مَا ظَنَّهُ فِيْهِ وَتَوَخَّاهُ ۞ ثُمَّ قَالَ لِمَيْسَرةَ: لَا تُفَارِقْهُ وَكُنْ مَعَهُ بِصِدْقِ
[1] في نسخة "ظ": (رَحَلَ بِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمُّهُ إِلَى الْبِلَادِ الشَّامِيَّةِ) وفي "عم": (رَحَلَ بِهِ أَبُوْ طَالِبٍ إِلَى الْبِلَادِ الشَّامِيَّةِ).