خاليًا فأقتُله وأخلّص الناس منه، فلمّا رفع السيف أخرج الله تعالى مِن الأرض أسدَين فقصداه، فخاف وألقى السيف مِن يده، وانتبه سيّدنا عمر بن الخطّاب رضي الله تعالى عنه ولم ير شيئًا، فسأله عن الحال، فذكر له الواقعة وأسلم.
قال الإمام فخر الدين الرازي رحمه الله تعالى: أقول هذه الواقعة رويت بالآحاد، وههنا ما هو معلوم بالتواتر، وهو أنّه -رضي الله تعالى عنه- مع بعده عن زينة الدنيا واحترازه عن التكلّفات والتهويلات، ساس الشرق والغرب، وغلب الممالك والدول، ولو نظرتَ في كتب التواريخ علمتَ أنّه لم يتّفق لأحدٍ مِن أوّل عهد سيّدنا عمر بن الخطّاب رضي الله تعالى عنه إلى الآن ما تيسّر له، فإنّه مع غاية بعده عن التكلّفات، كيف قدر على تلك السياسات، ولا شكّ أنّ هذا مِن أعظم الكرامات[1].
أيها الأحبّة الأكارم! تأمّلوا فيما ذكرتُه: وكيف كان تواضع الصحابي الجليل سیدنا عمر الفاروق رضي الله تعالى عنه رغم كونه أمير المؤمنين، وحاكم أكثر من مليونَي ميل مربع في بقاع الأرض، وقائد الجيش الّذي يتضمّن آلاف الجنود، وفي رعايته الملايين من
[1] "التفسير الكبير"، الجزء الحادي والعشرون، ۷/۴۳۳، [الكهف: ۱۲]، و"جامع كرامات الأولياء" للنبهاني، عمر بن الخطاب، ۱/۱۵۹.