عنوان الكتاب: عشّاق تلاوة القرآن الكريم

وكان سيدنا محمد بن كعب القرظي رحمه الله تعالى مُحدّثًا كبيرًا ومِن التابعين الأجلّاء، ويحبّ تلاوة القرآن الكريم حبًّا جمًّا، فقد نجد ذلك في قوله رحمه الله تعالى: لِأَنْ أَقْرَأَ فِي لَيْلَةٍ حَتَّى أُصْبِحَ إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا وَالْقَارِعَةَ، لَا أَزِيدُ عَلَيْهِمَا، وَأَتَرَدَّدُ فِيهِمَا، وَأَتَفَكَّرُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَهْدِرَ الْقُرْآنَ هَدْرًا [1] .

لا حسد إلّا في اثنتين

أيها الأحبّة الكرام! كم كان أسلافنا رحمهم الله تعالى عظماءُ! ومن عظمتهم: مدى حبّهم لتلاوة القرآن الكريم، فمنهم مَن كان يختم القرآن الكريم كلّ يوم أو في كلّ يومين مرّة، وبعضهم قد ختمه ١٨ ألف مرّة في حياته، وبعضهم قد ختمه ١٢ ألف مرّة، فكان الأحرى بنا أن نغبطهم ولكن حالنا أنّنا نغبط الناس في دنياهم، إذا رأينا سيّارة باهظة الثمن صرخنا على الفور: يا لها مِن سيارةٍ جميلةٍ! لعلَّ الله يهبني إيّاها أيضًا في يومٍ مِن الأيّام، وعندما نمرّ ببيتٍ فاخرٍ نقول مباشرة: سبحان الله! يا له مِن منزل رائع! وعندما نرى صاحب رتبة عالية نغبطه، وعندما نرى شخصًا ثريًا نغبطه كذلك، وعندما نسمع عن رصيد شخص في البنك نطمع فيما لديه مِن الأموال، فهلَّا غبطنا نغبط المواظبين على تلاوة القرآن الكريم ومحبّيه.


 

 



[1] "حلية الأولياء"، محمد بن كعب القرظي، ٣/٢٤٩، (٣٨٤٨).




إنتقل إلى

عدد الصفحات

34