عنوان الكتاب: نفحات ليلة القدر

شَهْرٍ، وقَهَرَ الكُفَّارَ، لِـمَا أُعْطِيَ من القُوّةِ، فضَاقَتْ قُلُوْبُهم منه، فبَعَثُوا رَسُوْلاً إلى امْرَأَتِه، وضَمِنُوْا لها طَشْتًا من ذَهَبٍ، إنْ هي قَيَّدَتْه، حَتَّى يَحْبِسُوْه في بَيْتٍ لهم، ويَسْتَرِيْحُوا منه، فلَمَّا نَامَ باللَّيْلِ أَوْثَقَتْه بِحَبْلٍ مِنْ لِيْفٍ، لَمّا اِنْتَبَه حَرَّكَ أَعْضَاءَه، فقَطَعَ الْحَبْلَ قَطْعًا، وسَأَلَها: لِـمَ صَنَعْتِ ذلِكَ؟ فقَالَتْ: أُجَرِّبُ قُوَّتَكَ، فلَمّا أَخْبَرَتْ الكُفَّارَ بَعَثُوْا لَهَا سِلْسِلَةً، ففَعَلَتْ مِثْلَ ما فَعَلَتْ، فقَطَعَها، فجَاءَ إِبْلِيْسُ إلى الكُفَّارِ، وأَرْشَدَهم أَنْ تَسْأَلَ الْمَرْأَةُ زَوْجَها: أَيُّ شَيْءٍ لا تَقْوَى على فَكِّهِ، وقَطْعِه؟ فأَرْسَلُوا إلَيْها، فقال: ذَوَائِبي، وكان له ثَمَانِيَةُ ذَوَائِبَ طَوِيْلَةٍ، تَجُرُّ على الأَرْضِ.

فلَمّا نَامَ قَيَّدَتْ رِجْلَيْه بأَرْبَعةٍ ويَدَيْه بأَرْبَعَةٍ، فجَاءَ الكُفَّارُ، وأَخَذُوْه، وذَهَبُوْا به إلى بَيْتِ مَذْبَحِهم، وقَطَعُوا أُذُنَيْه، وشَفَتَيْه، وكانوا كُلُّهم مُجْتَمِعِيْنَ لَدَيْه، فسَأَلَ اللهَ أَنْ يُقَوِّيَه على فَكِّ وِثَاقِه، وعلى أَنْ يُحَرِّكَ العَمُوْدَ ويَهْدِمَه علَيْهِم مع نَجَاتِه منهم، فقَوَّاه اللهُ، فتَحَرَّكَ فَانْفَكَّ وِثَاقُه وحَرَّكَ العَمُوْدَ، فوَقَعَ عليهم السَّقْفُ، فأَهْلَكَهُم اللهُ جَمِيْعًا، ونَجَا مِنْهُم[1].

ذُكِرَ لِرَسُوْلِ الله صلّى الله تعالى عليه وآله وسلّم شَمْعُوْن الذي عبَدَ اللهَ, وحَمَلَ السِّلاَحَ على عاتِقِه في سبيلِ الله أَلْفَ شَهْرٍ، فعَجِبَ رسُوْلُ الله صلّى الله تعالى عليه وآله وسلّم لذلك، وتَمَنَّى ذلك لأُمَّتِه،


 



[1] ذكره محمد بن محمد الغزالي أبو حامد في "مكاشفة القلوب"، الباب الثالث بعد المئة: في فضل ليلة القدر، صـ٣٠٦، ملتقطاً.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

30