المرأة بين الحرية والتحرّر | أم حيّان العطارية


نشرت: يوم الأَربعاء،24-أبريل-2024

المرأة بين الحرية والتحرّر

ديننا الإسلامي الحنيف هو الدين الذي كرّم المرأة تكريمًا عظيمًا فجعل الجنة تحت أقدامها باعتبارها "أُمًّا"، وأعزّها الإسلام بما لم يعزّها أيّ قانون في العالم، ولا يوجد قانون كرّمها وأعطاها حقوقها كما كرّمها "الدين الإسلامي".

الغرب جعلوا لها عيداً وأسموه "اليوم العالمي للمرأة"، هل هذا يكفي حتى تكون المرأة مكرّمة! هذه ليست إلا أساليب كاذبة مخادعة، ليفرح السطحيون بأشياء لا قيمة لها ولا تفيد المرأة في شيء.

جعلوها تعمل كالرجل مع كامل أنوثتها التي لا تتحمّل كل الأعمال، تركض حول لقمة عيشها تحت كذبة خدعوها بها وأسموها "تحرّرًا".

الابتعاد عن الدين خسران في الدنيا والآخرة

تعاليم الإسلام واضحة والالتزام بها يريح القلب والعقل، لذا يجب أن نضع في أذهان النساء أن من ابتعد عن الدين خسر دنياه قبل آخرته، فنحن عندما نلتزم بما أمرنا الله به نعلم يقيناً أن الذي وضع هذه القوانين هو الخالق العليم بأمر عباده،

لِمَ يحاول أعداء الإسلام في إبعاد الناس عن الدين؟

ويكمن جمال الدين الإسلامي الحنيف أنه كما سلط الضوء على حقوق الرجل والمرأة على حدّ سواء، لذلك فإن أعداء الإسلام يحاولون إبعاد الناس عن هذا الدين فيستخدمون عبارات التحرر بهذا المعنى الجذاب المخادع الذي يوهم السامع أن الدين أفقدها حريتها، فيطلق المخادعون عبارات وهمية وكأن المرأة في قمع وإرهاق، وهم سوف يحررونها لتعمل ما تريد، والذين يدعون الناس للحرية المزعومة، فإن للحرية حدودًا لا يمكن مطلقة لأنه قد يؤدي إلى دمار كامل، فلكل إنسان حدود في حريته وتعامله مع غيره.

هذا الكون منضبط بقوانين ربانية، وخالق هذا الكون يعلم ما يصلح البشر وهو أعلم بهم، وإذا نظرنا لجميع البلاد التي تدعي الحضارة لرأينا فيها ظلما كبيرا، وكيف أن البلاد القوية تأكل الضعيفة منها.

مكانة المرأة عند المسلمين وغيرهم

أما عن المرأة فهي مظلومة داخل قطاع العمل؛ لأنها تعمل نهارًا لتكسب وتنفق على نفسها، ثم تأتي إلى المنزل لتتم عملها كأم مسؤولة عن رعاية أولادها، فأين العدل في هذا؟!

عندما تختار المرأة العمل بنفسها دون حاجة إلى المال فهذا لا يمنع منه الشرع إذا كان العمل لا يخالف دينها، لكن الدين أوجب النفقة لها على زوجها وإن كانت غنية.

هذه الإيجابيات الموجودة في ديننا لا ينشرها أعداء الإسلام، فالله تعالى رفع قدر المرأة وأعطاها المكانة العالية في المجتمع، فحين ننظر إليه في مجتمعنا الدني كيف أن الرجال يحترمونها ويرفعون قدرها إن كانت أمّاً وقد جعل الله رضاها سبباً لدخول الجنة، وأوجب لها حقوقاً في الحياة الزوجية، هذا كله يرفع قدرها ومكانتها، فينبغي أن يكون تفكير المرأة المسلمة إيجابياً تنظر فيه لمكانتها التي خصها الله بها فتحمد الله عليها أن جعلها من المسلمات.

فمن عاش في الغرب رأى معاناة الأم التي قضت عمرها وهي تحلم أن ترى أولادها متزوجين لتفرح بأحفادها، لكن للأسف الشديد هذه الأم حين تكبر يضعونها في دار المسنين، تقضي الأيام والليالي حزناً وقهراً تعيش ذكريات الماضي ولا ترى أولادها، تمضي الشهور عليها لعل أولادها يتذكرون زيارتها.

هذه السلبيات الموجودة ضمن تلك المجتمعات وهي كثيرة لا يسلطون الضوء عليها، والأم في مجتمعنا الإسلامي معزّزة مكرّمة حتى آخر يوم من عمرها، أولادها يسعون في إرضائها، تفرح برؤية أحفادها، ويجتمع الجميع حولها يسمع كلامها ويستشيرها..

المرأة التي تبعد عن دينها للأسف تخسر الدنيا أولاً، والخسارة الأشد هي الآخرة، نعم إن كانت هناك خسارة كبيرة فهي الخسارة في الآخرة، فمن أرضى ربه عاش في الدنيا راضياً سعيداً، وأسعده الله أيضاً في الآخرة، هذه هي السعادة الحقيقة التي ينبغي أن تسعى وراءها كل مسلمة.

ولتعلم كل مسلمة أن الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم قد جعل لها مكانة عالية فقال تعالى:

وَلَهُنَّ مِثۡلُ ٱلَّذِي عَلَيۡهِنَّ بِٱلۡمَعۡرُوفِۚ وَلِلرِّجَالِ عَلَيۡهِنَّ دَرَجَةٞۗ [البقرة: 228]

أي أن للمرأة حقوقّا وواجبات، وللرجل حقوق وواجبات، وللرجال عليهن درجة وهي درجة تكليف ورعاية فلا فضل في الإسلام بين رجل وامرأة، وبين أعجمي وعربي إلا بالتقوى.

وإن كان قد مرّ على المرأة في بلاد المسلمين زمان انتقص فيه من كرامتها ولم تُعطَ حقوقها كما ينبغي، فهذا بسبب الابتعاد عن الدين والجهل في تعاليم الإسلام ولا علاقة للشرع الحنيف في ذلك أبدًا.

أخيرًا!

ينبغي على المجتمعات المتخلفة الرجوع إلى الدين لا التحلل منه باسم التحرر الذي يساوي الرجل بالمرأة مساواة خاطئة وجائرة! لتكون المرأة حينذاك مظلومة، وقد أعطاها الشرع حقوقها، ولكن الغرب جعل كل همه مساواتها بالرجل.

ليس في كل أمر تكون المساواة عادلة مع اختلاف الجنس والميزات التي وهبها الله للرجل أو المرأة، فقد تصبح المساواة ظلمًا، فالمرأة اختصها الله بالحمل وتبعاته وهي تمر بمراحل ضعف، وجعل للرجل قوة بدنية، فهما يكملان بعضهما البعض، والله تعالى حكيم جعل المفاضلة بين الرجل والمرأة بالتقوى فقال:

يَٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّا خَلَقۡنَٰكُم مِّن ذَكَرٖ وَأُنثَىٰ وَجَعَلۡنَٰكُمۡ شُعُوبٗا وَقَبَآئِلَ لِتَعَارَفُوٓاْۚ إِنَّ أَكۡرَمَكُمۡ عِندَ ٱللَّهِ أَتۡقَىٰكُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٞ ١٣ [الحجرات: 13]

أما حقيقة تلك الدعاوي الغربية الكاذبة في تحرير المرأة فهي حرية الوصول إلى المرأة وجعْلها سلعة لا قيمة لها، والإسلام جعلها كالملِكة لا يستطيع أحد لمسها إلا لعدد معين من المحارم صونًا وحفظًا لها من شر النفوس الخبيثة.

فينبغي على المجتمعات المسلمة العودة إلى زمن الصحابة والتابعين واتباعهم في معاملة المرأة وحقوقها، لا التقليد الأعمى والحريات المزيفة المصدّرة من الغرب لتقليدها، فتطور المجتمع يكون بالعودة إلى التاريخ الإسلامي المشرق في الحقوق والواجبات، لا النظر إلى المجتمعات التي تطورت في كل شيء إلا في حقوق البشر.


#مركز_الدعوة_الاسلامية
#مركز_الدعوة_الإسلامية
#الدعوة_الإسلامية
#مجلة_نفحات_المدينة
#نفحات_المدينة
#مجلة_فصلية

تعليقات



رمز الحماية