عنوان الكتاب: الموطأ الجزء الثاني

2581 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ : أَنَّ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ كَتَبَ إِلَى مُعَاوِيَةَ بْنِ أبِي سُفْيَانَ يَذْكُرُ أَنَّهُ أُتِىَ بِسَكْرَانَ قَدْ قَتَلَ رَجُلاً، فَكَتَبَ إِلَيْهِ مُعَاوِيَةُ : أَنِ اقْتُلْهُ بِهِ.

2582 - قَالَ يَحْيَى : قَالَ مَالِكٌ : أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِي تَأْوِيلِ هَذِهِ الآيَةِ، قَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : ( الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنْثَى بِالأُنْثَى ) [البقرة : 178] أَنَّ الْقِصَاصَ يَكُونُ بَيْنَ الإِنَاثِ، كَمَا يَكُونُ بَيْنَ الذُّكُورِ، وَالْمَرْأَةُ الْحُرَّةُ تُقْتَلُ بِالْمَرْأَةِ الْحُرَّةِ، كَمَا يُقْتَلُ الْحُرُّ بِالْحُرِّ، وَالأَمَةُ تُقْتَلُ بِالأَمَةِ، كَمَا يُقْتَلُ الْعَبْدُ بِالْعَبْدِ، وَالْقِصَاصُ يَكُونُ بَيْنَ النِّسَاءِ، كَمَا يَكُونُ بَيْنَ الرِّجَالِ، وَالْقِصَاصُ أَيْضاً يَكُونُ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَالَ فِي كِتَابِهِ : ( وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنْفَ بِالأَنْفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ ) [المائدة : 45] فَذَكَرَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ، فَنَفْسُ الْمَرْأَةِ الْحُرَّةِ بِنَفْسِ الرَّجُلِ الْحُرِّ، وَجُرْحُهَا بِجُرْحِهِ(408).

2583 - قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يُمْسِكُ الرَّجُلَ لِلرَّجُلِ فَيَضْرِبُهُ فَيَمُوتُ مَكَانَهُ : أَنَّهُ إِنْ أَمْسَكَهُ وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ يُرِيدُ قَتْلَهُ، قُتِلاَ بِهِ جَمِيعاً، وَإِنْ أَمْسَكَهُ وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ إِنَّمَا يُرِيدُ الضَّرْبَ، مِمَّا يَضْرِبُ بِهِ النَّاسُ، لاَ يَرَى أَنَّهُ عَمَدَ لِقَتْلِهِ، فَإِنَّهُ يُقْتَلُ الْقَاتِلُ وَيُعَاقَبُ الْمُمْسِكُ أَشَدَّ الْعُقُوبَةِ، وَيُسْجَنُ سَنَةً، لأَنَّهُ أَمْسَكَهُ، وَلاَ يَكُونُ عَلَيْهِ الْقَتْلُ.

2584 - قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يَقْتُلُ الرَّجُلَ عَمْداً، أَوْ يَفْقَأُ عَيْنَهُ عَمْداً، فَيُقْتَلُ الْقَاتِلُ، أَوْ تُفْقَأُ عَيْنُ الْفَاقِئِ قَبْلَ أَنْ يُقْتَصَّ مِنْهُ : أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ دِيَةٌ وَلاَ قِصَاصٌ، وَإِنَّمَا كَانَ حَقُّ الَّذِي قُتِلَ أَوْ فُقِئَتْ عَيْنُهُ فِي الشَّيْءِ بِالَّذِي ذَهَبَ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الرَّجُلِ يَقْتُلُ الرَّجُلَ عَمْداً، ثُمَّ يَمُوتُ الْقَاتِلُ فَلاَ يَكُونُ لِصَاحِبِ الدَّمِ إِذَا مَاتَ الْقَاتِلُ شَيْءٌ، دِيَةٌ وَلاَ غَيْرُهَا، وَذَلِكَ لِقَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : ( كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ ) [البقرة : 178](409).

 قَالَ مَالِكٌ : فَإِنَّمَا يَكُونُ لَهُ الْقِصَاصُ عَلَى صَاحِبِهِ الَّذِي قَتَلَهُ، فَإِذَا هَلَكَ قَاتِلُهُ الَّذِي قَتَلَهُ، فَلَيْسَ لَهُ قِصَاصٌ وَلاَ دِيَةٌ.

2585 - قَالَ مَالِكٌ : لَيْسَ بَيْنَ الْحُرِّ وَالْعَبْدِ قَوَدٌ فِي شَىْءٍ مِنَ الْجِرَاحِ، وَالْعَبْدُ يُقْتَلُ بِالْحُرِّ إِذَا قَتَلَهُ عَمْداً، وَلاَ يُقْتَلُ الْحُرُّ بِالْعَبْدِ وَإِنْ قَتَلَهُ عَمْداً. وَهُوَ أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ. 

22 - باب الْعَفْوِ فِي قَتْلِ الْعَمْدِ

2586 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ أَدْرَكَ مَنْ يَرْضَى مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُونَ فِي الرَّجُلِ إِذَا أَوْصَى، أَنْ يُعْفَى عَنْ قَاتِلِهِ إِذَا قَتَلَ عَمْداً : إِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ لَهُ، وَأَنَّهُ أَوْلَى بِدَمِهِ مِنْ غَيْرِهِ مِنْ أَوْلِيَائِهِ مِنْ بَعْدِهِ.

2587 - قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يَعْفُو عَنْ قَتْلِ الْعَمْدِ بَعْدَ أَنْ يَسْتَحِقَّهُ وَيَجِبَ لَهُ: إِنَّهُ لَيْسَ عَلَى الْقَاتِلِ عَقْلٌ يَلْزَمُهُ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ الَّذِي عَفَا عَنْهُ اشْتَرَطَ ذَلِكَ عِنْدَ الْعَفْوِ عَنْهُ.

 




إنتقل إلى

عدد الصفحات

190