عنوان الكتاب: الموطأ الجزء الثاني

1896 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبِي مَرْيَمَ، أَنَّهُ سَأَلَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ فَقَالَ : إنِّي رَجُلٌ أَبْتَاعُ الطَّعَامَ يَكُونُ مِنَ الصُّكُوكِ بِالْجَارِ, فَرُبَّمَا ابْتَعْتُ مِنْهُ بِدِينَارٍ وَنِصْفِ دِرْهَمٍ، فَأُعْطَي بِالنِّصْفِ طَعَاماً ؟ فَقَالَ سَعِيدٌ : لاَ، وَلَكِنْ أَعْطِ أَنْتَ دِرْهَماً، وَخُذْ بَقِيَّتَهُ طَعَاماً(82)

1897 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ كَانَ يَقُولُ : لاَ تَبِيعُوا الْحَبَّ فِي سُنْبُلِهِ حَتَّى يَبْيَضَّ.

1898 - قَالَ مَالِكٌ : مَنِ اشْتَرَى طَعَاماً بِسِعْرٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى، فَلَمَّا حَلَّ الأَجَلُ قَالَ الَّذِي عَلَيْهِ الطَّعَامُ لِصَاحِبِهِ : لَيْسَ عِنْدِي طَعَامٌ، فَبِعْنِي الطَّعَامَ الَّذِي لَكَ عَلَيَّ إِلَى أَجَلٍ، فَيَقُولُ صَاحِبُ الطَّعَامِ : هَذَا لاَ يَصْلُحُ، لأَنَّهُ قَدْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ r عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ حَتَّى يُسْتَوْفَى، فَيَقُولُ الَّذِي عَلَيْهِ الطَّعَامُ لِغَرِيمِهِ : فَبِعْنِي طَعَاماً إِلَى أَجَلٍ حَتَّى أَقْضِيَكَهُ. فَهَذَا لاَ يَصْلُحُ، لأَنَّهُ إِنَّمَا يُعْطِيهِ طَعَاماً، ثُمَّ يَرُدُّهُ إِلَيْهِ، فَيَصِيرُ الذَّهَبُ الَّذِي أَعْطَاهُ ثَمَنَ الطَّعَامِ الَّذِي كَانَ لَهُ عَلَيْهِ، وَيَصِيرُ الطَّعَامُ الَّذِي أَعْطَاهُ مُحَلَّلاً فِيمَا بَيْنَهُمَا، وَيَكُونُ ذَلِكَ إِذَا فَعَلاَهُ بَيْعَ الطَّعَامِ قَبْلَ أَنْ يُسْتَوْفَى.

1899 - قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ لَهُ عَلَى رَجُلٍ طَعَامٌ ابْتَاعَهُ مِنْهُ، وَلِغَرِيمِهِ عَلَى رَجُلٍ طَعَامٌ مِثْلُ ذَلِكَ الطَّعَامِ، فَقَالَ الَّذِي عَلَيْهِ الطَّعَامُ لِغَرِيمِهِ : أُحِيلُكَ عَلَى غَرِيمٍ لِي, عَلَيْهِ مِثْلُ الطَّعَامِ الَّذِي لَكَ عَلَيَّ، بِطَعَامِكَ الَّذِي لَكَ عَلَيَّ. قَالَ مَالِكٌ : إِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الطَّعَامُ، إِنَّمَا هُوَ طَعَامٌ ابْتَاعَهُ، فَأَرَادَ أَنْ يُحِيلَ غَرِيمَهُ بِطَعَامٍ ابْتَاعَهُ، فَإِنَّ ذَلِكَ لاَ يَصْلُحُ، وَذَلِكَ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ أَنْ يُسْتَوْفَى، فَإِنْ كَانَ الطَّعَامُ سَلَفاً حَالاًّ، فَلاَ بَأْسَ أَنْ يُحِيلَ بِهِ غَرِيمَهُ، لأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِبَيْعٍ، وَلاَ يَحِلُّ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ أَنْ يُسْتَوْفَى، لِنَهْي رَسُولِ اللَّهِ r عَنْ ذَلِكَ، غَيْرَ أَنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ قَدِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لاَ بَأْسَ بِالشِّرْكِ وَالتَّوْلِيَةِ وَالإِقَالَةِ، فِي الطَّعَامِ وَغَيْرِهِ.

قَالَ مَالِكٌ : وَذَلِكَ أَنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ أَنْزَلُوهُ عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ، وَلَمْ يُنْزِلُوهُ عَلَى وَجْهِ الْبَيْعِ، وَذَلِكَ مِثْلُ الرَّجُلِ يُسَلِّفُ الدَّرَاهِمَ النُّقَّصَ، فَيُقْضَى دَرَاهِمَ وَازِنَةً فِيهَا فَضْلٌ، فَيَحِلُّ لَهُ ذَلِكَ وَيَجُوزُ، وَلَوِ اشْتَرَى مِنْهُ دَرَاهِمَ نُقَّصاً بِوَازِنَةٍ لَمْ يَحِلَّ ذَلِكَ، وَلَوِ اشْتَرَطَ عَلَيْهِ حِينَ أَسْلَفَهُ وَازِنَةً، وَإِنَّمَا أَعْطَاهُ نُقَّصاً لَمْ يَحِلَّ لَهُ ذَلِكَ.

1900 - قَالَ مَالِكٌ : وَمِمَّا يُشْبِهُ ذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r نَهَى عَنْ بَيْعِ الْمُزَابَنَةِ, وَأَرْخَصَ فِي بَيْعِ الْعَرَايَا بِخَرْصِهَا مِنَ التَّمْرِ، وَإِنَّمَا فُرِقَ بَيْنَ ذَلِكَ أَنَّ بَيْعَ الْمُزَابَنَةِ بَيْعٌ عَلَى وَجْهِ الْمُكَايَسَةِ وَالتِّجَارَةِ، وَأَنَّ بَيْعَ الْعَرَايَا عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ، لاَ مُكَايَسَةَ فِيهِ.

1901 - قَالَ مَالِكٌ : وَلاَ يَنْبَغِي أَنْ يَشْتَرِيَ رَجُلٌ طَعَاماً بِرُبُعٍ أَوْ بِثُلُثٍ أَوْ بِكسْرٍ مِنْ دِرْهَمٍ، عَلَى أَنْ يُعْطَى بِذَلِكَ طَعَاماً إِلَى أَجَلٍ، وَلاَ بَأْسَ أَنْ يَبْتَاعَ الرَّجُلُ طَعَاماً بِكِسْرٍ مِنْ دِرْهَمٍ إِلَى أَجَلٍ، ثُمَّ يُعْطي دِرْهَماً، وَيَأْخُذُ بِمَا بَقِىَ لَهُ مِنْ دِرْهَمِهِ سِلْعَةً مِنَ السِّلَعِ، لأَنَّهُ أَعْطَى الْكِسْرَ الَّذِي عَلَيْهِ فِضَّةً، وَأَخَذَ بِبَقِيَّةِ دِرْهَمِهِ سِلْعَةً، فَهَذَا لاَ بَأْسَ بِهِ.

 




إنتقل إلى

عدد الصفحات

190