عنوان الكتاب: صحيح مسلم الجزء الثاني

مثل ما قيل لك. قال قلت: من هما؟ قالوا: مرارة بن ربيعة العامري، وهلال بن أمية الواقفي. قال فذكروا لي رجلين صالحين قد شهدا بدرا فيهما أسوة. قال فمضيت حين ذكروهما لي.

قال ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين عن كلامنا، أيها الثلاثة، من بين من تخلف عنه. قال، فاجتنبنا الناس. وقال، تغيروا لنا حتى تنكرت لي في نفسي الأرض. فما هي بالأرض التي أعرف. فلبثنا على ذلك خمسين ليلة. فأما صاحباي فاستكانا وقعدا في بيوتهما يبكيان. وأما أنا فكنت أشب القوم وأجلدهم. فكنت أخرج فأشهد الصلاة وأطوف في الأسواق ولا يكلمني أحد. وآتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم عليه، وهو في مجلسه بعد الصلاة. فأقول في نفسي: هل حرك شفتيه برد السلام، أم لا؟ ثم أصلي قريبا منه وأسارقه النظر. فإذا أقبلت على صلاتي نظر إلي. وإذا التفت نحوه أعرض عني. حتى إذا طال ذلك علي من جفوة المسلمين، مشيت حتى تسورت جدار حائط أبي قتادة، وهو ابن عمي، وأحب الناس إلي. فسلمت عليه. فوالله! ما رد علي السلام. فقلت له: يا أبا قتادة! أنشدك بالله! هل تعلمن أني أحب الله رسوله؟ قال فسكت. فعدت فناشدته. فسكت فعدت فنا شدته. فقال: الله ورسوله أعلم. ففاضت عيناي، وتوليت، حتى تسورت الجدار. فبينا أنا أمشي في سوق المدينة، إذا نبطي من نبط أهل الشام، ممن قدم بالطعام يبيعه بالمدينة. يقول: من يدل على كعب بن مالك. قال فطفق الناس يشيرون له إلي. حتى جاءني فدفع إلي كتابا من ملك غسان. وكنت كاتبا. فقرأته فإذا فيه: أما بعد. فإنه قد بلغنا أن صاحبك قد جفاك. ولم يجعلك الله بدار هوان ولا مضيعة. فالحق بنا نواسك. قال فقلت، حين قرأتها: وهذه أيضا من البلاء. فتياممت بها التنور فسجرتها بها. حتى إذا مضت أربعون من الخمسين، واستلبث الوحي، إذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتيني فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن تعتزل امرأتك. قال فقلت: أطلقها أم ماذا أفعل؟ قال: لا. بل اعتزلها. فلا تقربنها. قال فأرسل إلى صاحبي بمثل ذلك. قال فقلت لامرأتي: الحقي بأهلك فكوني عندهم حتى يقضي الله في هذا الأمر. قال فجاءت امرأة هلال بن أمية رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقالت له: يا رسول الله! إن هلال بن أمية شيخ ضائع ليس له خادم. فهل تكره أن أخدمه؟ قال "لا. ولكن لا يقربنك" فقالت: إنه، والله! ما به حركة إلى شئ. ووالله! ما زال يبكي منذ كان من أمره ما كان. إلى يومه هذا.

قال فقال لي بعض أهلي: لو استأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في امرأتك؟ فقد أذن لامرأة هلال بن أمية أن تخدمه. قال فقلت: لا استأذن فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم. وما يدريني ماذا يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا استأذنته فيها، وأنا رجل شاب. قال فلبثت بذلك عشر ليال. فكمل لنا خمسون ليلة من حين نهي عن كلامنا. قال ثم صليت صلاة الفجر صباح خمسين ليلة، على ظهر بيت من بيوتنا. فبينا أنا جالس على الحال التي ذكر الله عز وجل منا. قد ضاقت علي نفسي وضاقت علي




إنتقل إلى

عدد الصفحات

730