عنوان الكتاب: صحيح مسلم الجزء الثاني

وأثبت اقتصاصا. وقد وعيت عن كل واحد منهم الحديث الذي حدثني. وبعض حديثهم يصدق بعضا. ذكروا؛ أن عائشة، زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت:

 كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يخرج سفرا، أقرع بين نسائه. فأيتهن خرج سهمها، خرج بها رسول الله صلى الله عليه وسلم معه. قالت عائشة: فأقرع بيننا في غزوة غزاها. فخرج سهمي. فخرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. وذلك بعدما أنزل الحجاب. فأنا أحمل هودجي، وأنزل فيه، مسيرنا. حتى إذا فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوه، وقفل، ودنونا من المدينة، آذن ليلة بالرحيل. فقمت حين آذنوا بالرحيل. فمشيت حتى جاوزت الجيش. فلما قضيت من شأني أقبلت إلى الرحل. فلمست صدري فإذا عقدي من جزع ظفار قد انقطع. فرجعت فالتمست عقدي فحبسني ابتغاؤه. وأقبل الرهط الذين كانوا يرحلون لي فحملوا هودجي. فرحلوه على بعيري الذي كنت أركب. وهم يحسبون أني فيه. قالت: وكانت النساء إذ ذاك خفافا. لم يهبلن ولم يغشهن اللحم. إنما يأكلن العلقة من الطعام. فلم يستنكر القوم ثقل الهودج حين رحلوه ورفعوه. وكنت جارية حديثة السن. فبعثوا الجمل وساروا. ووجدت عقدي بعد ما استمر الجيش. فجئت منازلهم وليس بها داع ولا مجيب. فتيممت منزلي الذي كنت فيه. وظننت أن القوم سيفقدوني فيرجعون إلي. فبينا أنا جالسة في منزلي غلبتني عيني فنمت. وكان صفوان بن المعطل السلمي، ثم الذكواني، قد عرس من وراء الجيش فادلج. فأصبح عند منزلي. فرأى سواد إنسان نائم. فأتاني فعرفني حين رآني. وقد كان يراني قبل أن يضرب الحجاب علي. فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني. فخمرت وجهي بجلبابي. ووالله! ما يكلمني كلمة ولا سمعت منه كلمة غير استرجاعه. حتى أناخ راحلته. فوطئ على يدها فركبتها. فانطلق يقود بي الراحلة. حتى أتينا الجيش. بعد ما نزلوا موغرين في نحر الظهيرة. فهلك من هلك في شأني. وكان الذي تولى كبره. عبدالله بن أبي بن سلول.

فقدمنا المدينة. فاشتكيت، حين قدمنا المدينة، شهرا. والناس يفيضون في قول أهل الإفك. ولا أشعر بشيء من ذلك. وهو يريبني في وجعي أني لا أعرف من رسول الله صلى الله عليه وسلم اللطف الذي كنت أرى منه حين أشتكي. إنما يدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فيسلم ثم يقول "كيف تيكم؟" فذاك يريبني. ولا أشعر بالشر. حتى خرجت بعدما نقهت وخرجت معي أم مسطح قبل المناصع. وهو متبرزنا. ولا نخرج إلا ليلا إلى ليل. وذلك قبل أن نتخذ الكنف قريبا من بيوتنا. وأمرنا أمر العرب الأول في التنزه. وكنا نتأذى بالكنف أن نتخذها عند بيوتنا. فانطلقت أنا وأم مسطح، وهي بنت أبي رهم بن المطلب بن عبد مناف. وأمها ابنة صخر بن عامر، خالة أبي بكر الصديق. وابنها مسطح بن أثاثة بن عباد بن المطلب. فأقبلت أنا وبنت أبي رهم قبل بيتي. حين فرغنا من شأننا. فعثرت أم مسطح في مرطها.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

730