فضل عيادة المريض | الشيخ أيمن ياسر بكار


نشرت: يوم الإثنين،30-يوليو-2018

فضل عيادة المريض

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، أما بعد:

فأعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم

سبحان الأول بلا بداية، سبحان الباقي بلا نهاية، سبحان الحي القيوم، رب السماوات والأرض ومن فيهنّ، الذي قال في كتابه الحكيم

(اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً ۚ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ ۖ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ) (الروم: ٥٤)

فالإنسان خلق ضعيفاً متغيراً لا يثبت على حال، فتعتريه الأمراض والأسقام، وكما قالوا دوام الحال من المحال، ونحن كخير أمة أخرجت للناس جعل الله لنا التشريع في كل الأحوال وحتى في حال المرض، كان هناك حقوق وواجبات وآداب إسلامية تتعلق بالمريض وبمن حوله من المسلمين ...

فضل عيادة المريض والدعاء له:

حث الإسلام على زيارة المريض، لما فيها من مواساة له وتخفيفٍ عنه، والمسلمون إنما كالجسد الواحد إذا اشتكى عضو تداعى له باقي الجسد بالسهر والحمى، فقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ:

(حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ خَمْسٌ. وفي رواية: خَمْسٌ تَجِبُ لِلْمُسْلِمِ عَلَى أَخِيهِ: رَدُّ السَّلَامِ، وَتَشْمِيتُ الْعَاطِسِ، وَإِجَابَةُ الدَّعْوَةِ، وَعِيَادَةُ الْمَرِيضِ، وَاتِّبَاعُ الْجَنَائِزِ). (رواه البخاري ومسلم) وقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ:

(مَنْ عَادَ مَرِيضًا أَوْ زَارَ أَخًا لَهُ فِي اللَّهِ نَادَاهُ مُنَادٍ أَنْ طِبْتَ وَطَابَ مَمْشَاكَ وَتَبَوَّأْتَ مِنْ الْجَنَّةِ مَنْزِلًا). (رواه الترمذي وحسنه، وابن ماجه)

وعَنْ ثُوَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَخَذَ عَلِيٌّ بِيَدِي قَالَ انْطَلِقْ بِنَا إِلَى الْحَسَنِ نَعُودُهُ، فَوَجَدْنَا عِنْدَهُ أَبَا مُوسَى فَقَالَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَام: أَعَائِدًا جِئْتَ يَا أَبَا مُوسَى أَمْ زَائِرًا؟ فَقَالَ: لَا بَلْ عَائِدًا، فَقَالَ عَلِيٌّ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ يَقُولُ:

(مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَعُودُ مُسْلِمًا غُدْوَةً إِلَّا صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ حَتَّى يُمْسِيَ، وَإِنْ عَادَهُ عَشِيَّةً إِلَّا صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ حَتَّى يُصْبِحَ وَكَانَ لَهُ خَرِيفٌ فِي الْجَنَّةِ). (رواه أحمد والترمذي وحسنه)

آداب زيارة المريض:

  • الدعوة للمريض بالشفاء وأمره ِبالصبر: يستحب لعائد المريض أن يدعو له بالشفاء، عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ سَعْدٍ أَنَّ أَبَاهَا قَالَ:

    (اشْتَكَيْتُ بِمَكَّةَ، فَجَاءَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودُنِي، وَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى جَبْهَتِي، ثُمَّ مَسَحَ صَدْرِي وَبَطْنِي، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ اشْفِ سَعْدًا وَأَتْمِمْ لَهُ هِجْرَتَهُ). (سنن أبي داود: ٣١٠٤)

  • مواساة المريض والتخفيف عنه: على الزائر أن يُطيِّب نفس المريض ويواسيه وأن يُنفِّس له في الأجل، قال صلى الله عليه وآله وسلم:

    (إِذَا دَخَلْتُمْ عَلَى الْمَرِيضِ فَنَفِّسُوا لَهُ فِي الأَجَلِ، فَإِنَّ ذَلِكَ لا يَرُدُّ شَيْئًا، وَهُوَ يَطِيبُ بِنَفْسِ الْمَرِيضِ). (سنن ابن ماجه: ١٤٣٨)

  • تخفيف العيادة وعدم تكرارها في اليوم الواحد: يستحب تخفيف العيادة وعدم تكرارها في اليوم الواحد إلا إذا رغب المريض، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم جعل العيادة بقدر فواق ناقة.
  • يستحب لمريد العيادة الوضوء: قال صلى الله عليه وآله وسلم:

    (من توضأ فأحسن الوضوء وعاد أخاه المسلم محتسباً بُوعد من جهنم مسيرة سبعين خريفاً). (سنن أبي داود: ٣٠٩٧)

  • تذكيره بأجر الصبر على المرض: قال النَّبِي صلى الله عليه وآله وسلم

    (مَا يُصِيبُ الْمسلِمَ مِنْ نَصَب، وَلاَ وَصَب، وَلاَ هَمِّ، وَلاَ حَزن، وَلاَ أَذىً، وَلاَ غَمّ، حَتى الشوْكَةِ يُشَاكُهَا، إِلا كَفَّرَ اللهِ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ). (صحيح البخاري: ٥٦٤١)

  • عيادة الفاسق: تجُوزُ عِيادَةُ الْمَريضِ المسلم الفَاسِقِ، لِأَنَّ العِيادَةَ من حُقُوقِ المسلمين.

ما يقال عند المريض من الدعاء ونحوه:

يستحب الدعاء للمريض وأذكر لكم بعض الأدعية الواردة في الحديث:

  • أَسْأَلُ اللَّهَ الْعَظِيمَ رَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ أَنْ يَشْفِيَكَ، إِلا عَافَاهُ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ (سبع مرات). (سنن أبي داود: ٣١٠٦)

  • اللَّهُمَّ رَبَّ النَّاسِ أَذْهِبِ الْبَاسَ، اشْفِهِ وَأَنْتَ الشَّافِي، لا شِفَاءَ إِلا شِفَاؤُكَ، شِفَاءً لا يُغَادِرُ سَقَمًا. (صحيح البخاري: ٥٧٤٣)

  • بِسْمِ اللَّهِ، أَعُوذُ بِعِزَّةِ اللَّهِ وَقُدْرَتِهِ مِنْ شَرِّ مَا أَجِدُ وَأُحَاذِرُ، سَبْعَ مَرَّاتٍ فَقُلْتُ ذَلِكَ فَشَفَانِيَ اللَّهُ. (سنن ابن ماجه: ٣٥٢٢)

  • لا بَأْسَ طَهُورٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. (صحيح البخاري: ٣٦١٦)

طلب الدعاء من المريض:

يستحب طلبُ الدعاءِ من المريض، فإنَّ دُعاءَه لا يُرَدُّ، عن عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله تعالى عنه، قَالَ: قَالَ لِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلم:

(إِذَا دَخَلْتَ عَلَى مَرِيضٍ، فَمُرْهُ أَنْ يَدْعُوَ لَكَ، فَإِنَّ دُعَاءَهُ كَدُعَاءِ الْمَلاَئِكَةِ). (سنن ابن ماجه: ١٤٤١)

ختاماً فإن على العائد للمريض أن يجعل زيارته خالصة لله، فإن الله تعالى لا يقبل من العمل إلا ما كان ابتغاء وجهه الكريم..

وصلى الله تعالى على رسوله صاحب الخلق العظيم وآله وصحبه وسلم، والحمد لله رب العالمين.

تعليقات



رمز الحماية