عبير ذكره ﷺ ينعش القلوب | عبدالله المدني


نشرت: يوم الأَربعاء،28-سبتمبر-2022

عبير ذكره ﷺ ينعش القلوب

ليس نحن من يُحيي ذكراك بل ذكراك هي التي تحيينا يا سيدي! يا رسول الله ﷺ! بذكر الحبيب ﷺ وبسيرته تَحيَى قلوبنا وتتعطّر أرواحنا، كلما يأتي شهر ربيع الأنور تتجدّد هذه الذكرى العظيمة في نفوس المحبين، فتثور مشاعر الشوق والحنين إلى من بعثه الله تعالى رحمةً للعالمين، وتتوقّد المشاعر مستذكرين صاحب الذكرى الشريفة وأخبار ولادته وأخبار طفولته ثم شبابه وصولاً إلى مبدأ أمره لَمّا كان يتعبّد في غار حراء حتى نزل عليه جبريل عليه السلام بأول خمس آيات من سورة العلق ..

بمناسبة هذه الذكرى العظيمة التي لن ينطفئ نورها في حياتنا أبدًا؛ نقوم بتنظيم الاحتفالات والموالد في أماكن مختلفة، لتنتعش قلوبنا بذكر الحبيب ﷺ وتتعمّق صلتنا به، وحتى ينهض لدينا الوعي بأداء ما علينا من حقوقه والواجبات، وهنا سأذكر لكم بعضًا منها:

واجبنا تجاه حبيبنا محمد ﷺ:

لقد أكرمنا الله تعالى ببعثة حبيبه الكريم ﷺ فينا، ومنَّ علينا ببزوغ شمس رسالته، قال تعالى:

﴿لَقَدۡ مَنَّ ٱللَّهُ عَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ إِذۡ بَعَثَ فِيهِمۡ رَسُولٗا مِّنۡ أَنفُسِهِمۡ يَتۡلُواْ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتِهِۦ وَيُزَكِّيهِمۡ وَيُعَلِّمُهُمُ ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡحِكۡمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبۡلُ لَفِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٍ ١٦٤﴾

وإن لحبيب الله ﷺ علينا حقوقاً كثيرة، ينبغي علينا الاهتمام بأدائها والحفاظ عليها، والحذر من تضييعها أو التهاون بها، ومن هذه الحقوق:

أولًا: الإيمان به والتصديق برسالته ﷺ: هذا أول حق من حقوقه ﷺ علينا، فمن لم يؤمن به ﷺ بأنه هو خاتم الأنبياء والمرسلين فهو كافر، وإن آمن بجميع الأنبياء والمرسلين الذين جاؤوا قبله.

ثانيًا: اتباعه والتأسّي به ﷺ: إنَّ اتباع الحبيب ﷺ والاقتداء به هو البرهان الحقيقي على الإيمان به، فمن ادَّعى الإيمان به وهو لا يمتثل لأوامره ولا يجتنب نواهيه ولا يتبع سننه الشريفة فهو كاذبٌ في ادّعائه بالإيمان ظاهرًا، لذا يجب عليه أن يفكّر في ذلك، فإنَّ الإيمان هو ما وقر في القلب وصدَّقته الأعمال.

ثالثًا: محبته ﷺ النابعة من القلب: هذا من أهم الحقوق ﷺ على أمته، وتكون محبته كل الحبّ وأكمله وأعظمه، وأيُّ إنسان لا يجد في قلبه جذوةً من محبته؛ يجب عليه أن يراجع إيمانه، فإنه محروم من نعمة كمال الإيمان، لأن محبته ﷺ أصل الإيمان وروحه، لذلك يجب على المؤمن أن يحبّ رسول الله ﷺ أعظم الحبّ لدرجة أن يكون أحبَّ إليه من والده وولده والناس أجمعين بل حتى من نفسه أيضًا، كما قال سيدنا عمر رضي الله عنه:

"والله! لَأنت أحبُّ إليَّ من نفسي"

رابعًا: الانتصار له ﷺ: وهو من آكد حقوقه ﷺ في حياته وبعد وفاته، فأما في حياته فقد قام أصحابه ﷺ بهذه المهمَّة العظيمة خير قيام، وأما بعد وفاته ﷺ فالذَّب يكون عن سنته الشريفة إذا تعرَّضت لطعن الطاعنين وتحريف الجاهلين وانتحال المبطلين، وكذلك يكون عن شخصه الكريم إذا تناوله أحد بسوء أو سخرية، أو وصَفه بأوصاف لا تليق بمقامه الشريف ﷺ..

وفي هذا الصدد يقع على عاتق كل فرد من أفراد المجتمع الإسلامي مسؤولية مقاطعة هذه الإساءة والجريمة حسب قدرته ومكانته، وبشكل عام يحقّ لكل مسلم أن يهُبَّ للدفاع عن نبيه ﷺ عمليًّا -خاصة في زماننا الذي كثرت فيه حملات التشويه التي يطعن بها أعداء الإسلام على نبي الإسلام ﷺ- من خلال رفع ذكره الشريف، وإحياء سنته، واتباع منهجه، ونشر دعوته بين أهله ومن حوله، وتطهير بيئة منزله من أخلاق هؤلاء المُسِيئين لرسول الإسلام وتقاليدهم وعاداتهم وثقافتهم وحضارتهم..

وأما الذين لهم نفوذ وسلطة في المجتمع فيجب عليهم أن يبذلوا كل ما في وسعهم باختيار ما يملكون من وسائل وطرق لكفّ هؤلاء المعادين للإسلام عن كذبهم وبهتانهم وافترائهم وإسائتهم إلى الإسلام وشعائره..

هذه بعض الحقوق الأساسية التي يجب علينا مراعاتها جيدًا كمسلمين، ولمعرفة هذه الحقوق وغيرها تُعدُّ إقامة الاحتفالات ومجالس المولد طريقة رائعة، حيث تسنح فرصة متساوية للجميع من كبار وصغار لتعليم سننه وأخلاقه وتعاملاته وسماع أحاديثه الشريفة ومعرفة سيرته الطيبة العطرة بالإضافة إلى الحثّ على كثرة الصلاة والسلام عليه ﷺ، وبذلك تزداد المحبة النبوية والرغبة في اتباع طريقه ومنهجه في نفوس الشباب، كما يتم غرس بذرة الحب في قلوب الأجيال الجديدة أيضًا، التي تحرّك مشاعرهم وأحاسيسهم، وتزيد بداخلهم حرارة الشعور الإسلامي، فتدفع بهم إلى كل خير، وتُبعدهم عن كل شر، وترسّخ في قلوبهم شخصية الحبيب ﷺ كقدوة حسنة دائمة في أفعالهم وأقوالهم وسلوكياتهم..

وفي الختام أحببت أن أذكر لكم بعض ما يبذل مركز الدعوة الإسلامية من جهود ومساعي في تعليم وتربية الجيل الجديد..

جهود المركز في تربية الأطفال وغرس حب النبي ﷺ في نفوسهم:

إن مركز الدعوة الإسلامية يسعى لإصلاح كل شريحة من شرائح المجتمع، سواء كانت فئة الرجال أو النساء أو الأطفال أو الشباب أو المسنّين، حتى ذوي الاحتياجات الخاصة..

ومن أهم هذه الفئات فئة الأطفال التي إذا تمت تربيتها على المنهج القويم وعلى المبادئ الصحيحة؛ سيتم من خلالها إصلاح الأسرة بأكملها، وإصلاح المجتمع يقوم على إصلاح الأسرة، فإذا تم إصلاح الأسرة؛ سيتم إصلاح المجتمع نفسه.. لذلك إصلاح مجتمع المستقبل يقوم على أساس إصلاح الأطفال.

وهذا ما دفع فضيلة الشيخ محمد إلياس العطار القادري حفظه الله تعالى إلى إيلاء اهتمام خاص لتعليم الأطفال وتربيتهم، وفي هذا الصدد قام فضيلته بتنظيم فقرة خاصة للأطفال في برنامجه الشهير "المذاكرة المدنية" حيث يتم تعليمهم بطرق مختلفة من خلال الأسئلة المتعلّقة بالعقائد والأعمال والأخلاق والسنن حتى يتعلق بأعلام الأمة.

وكذلك ينصح المشاهدين والمتابعين من خلال برنامجه ورسائله المختلفة بالاهتمام الخاص بتربية الأبناء، كما يشجّعهم على إحضار الواعين منهم إلى الاجتماعات الدعوية الأسبوعية التي تُعقَد في فروع مراكز الدعوة الإسلامية في أماكن مختلفة ليزداد في قلوبهم حب الإسلام والانسجام مع البيئة الدينية السَّنِية.

وفي ناحية أخرى أحببت أن أستطلعكم على بعض مجالات المركز المعتنية بتربية الأطفال خاصة التي تم تخصيصها لأجل تنفيذ هذه المهمة العظيمة بكفاءة عالية، وهي تأخذ دورًا بارزًا في إعداد هؤلاء الأجيال كحفّاظ وقرّاء لكتاب الله عزَّ وجلَّ وفي المستقبل علماء ودعاة وأطبّاء ودكاترة يخدمون الأمة الإسلامية..

ومن هذه المجالات:

- مجال تعليم القرآن الكريم والسنن النبوية: حيث تم ربط بيئة التعليم لعلوم القرآن للطفل بدءًا من القاعدة المدنية وتعلّم القراءة للقرآن الكريم ومن ثَم حفظه مع تعلّم السنن والآداب الإسلامية.. وهذا المجال يُسمَّى: بـ"مدرسة المدينة" التي تُعدُّ كقسم رسمي من أقسام المركز التعليمية.

- مجال التعليم المدرسي والأكاديمي: حيث تم إنشاء مدرسة إسلامية ذات جودة عالية في التعليم والتعلُّم وبوسائل متطورة جدًّا، تُسمَّى بـ"دار المدينة"، يتعلَّم فيها الطلاب العلوم العصرية والأكاديمية باللغة الإنجليزية إلى جانب العلوم الإسلاميَّة من القرآن والسنة بدءًا من مرحلة الروضة حتى الشهادة الثانوية العامة، ويحاول المركزُ نقلَ هذا النظامِ إلى الكلية ومن هناك إلى الجامعة العالمية قريبًا بإذن الله تعالى.

- مجال وسائل الإعلام والتواصل الحديثة: هذه مبادرة فعّالة في مجال الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي التي تلوَّثت في وقتنا الراهن بعثرات دينية وأخلاقية وثقافية، حيث يتم تسميم الأطفال بالتعليم السلبي الذي يُفسد أفكارهم ومعتقداتهم وسلوكياتهم، فأنشأ المركز قناة متكاملة خاصة لتعليمهم وتثقيفهم وتطويرهم نحو المواقف الإيجابية وغرس المبادئ والقيم الأخلاقية، وتنمية حب النبي ﷺ في نفوسهم وتربيتهم على اتباع هدي الحبيب ﷺ وتطبيق سننه وأخلاقه الشريفة، من خلال برامجها المتنوّعة الشيّقة والمناسبة حسب نفسيتهم ورغبتهم.. وتُسمَّى هذه القناة بـ "قناة مدني للأطفال" وهي أحد القنوات الإسلامية الثلاث التابعة للمركز

نسأل الله تعالى أن يملأ قلوبنا بمحبته ومحبة حبيبه ويحيينا على سنّته، ويتوفَّانا على محبّته وملَّته، إنه سميع قريب مجيب، والحمد لله رب العالمين.


#مركز_الدعوة_الاسلامية
#مركز_الدعوة_الإسلامية
#الدعوة_الإسلامية
#مجلة_نفحات_المدينة
#نفحات_المدينة

تعليقات



رمز الحماية