الاستغفار فضائله وفوائده وثمراته | الشيخ طارق المحمد


نشرت: يوم الأَحد،28-فبراير-2021

الاستغفار فضائله وفوائده وثمراته

فضائل الاستغفار:

أجمل ما يقوم بها الإنسان المؤمن هو أن يفعل ويقول ما يقوله حبيبه صلى الله عليه وسلم المعصوم عن الخطأ والخطيئة، ولا يقع بالذنب والمعصية، ومع ذلك كان يقول:

وَإِنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ كُلَّ يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ. (صحيح ابن حبان - ٣ / ٢١١)

وحين جاء إليه رجلٌ يشكو كثرة الكلام والزلل - فَقَالَ:

يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي امْرُؤٌ ذَرِبُ اللِّسَانِ، وَأَكْثَرُ ذَلِكَ عَلَى أَهْلِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -:" أَيْنَ أَنْتَ مِنَ الِاسْتِغْفَارِ؟! إِنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ مِائَةَ مَرَّةٍ. (المعجم الأوسط للطبراني - ٣٣٠١)

ويكفي في عبادة الاستغفار لله تعالى أن المستغفر يحصّل فضيلة يطلبها كل إنسان وليست إلا للمستغفر الذي يلازم الاستغفار لله تعالى فما هي هذه الفضيلة العظيمة؟

لنتأمل كلمات هذا الحديث الشريف الذي فيه بلسم لكل مهموم ومكروب جاء عَن سيدنا ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ حَدَّثَهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:

مَنْ لَزِمَ الاِسْتِغْفَارَ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ. (سنن أبي داود ١٥١٨) وفي رواية «مَنْ أَكْثَرَ مِنَ الاِسْتِغْفَارِ...».

لذلك ما من عبدٍ أقرّ بالعبودية لربه إلا وكان الاستغفار أفضل الاعتراف بهذه العبودية، وخاصة عندما يقع العبد في الغفلات والزلات، ولذلك فإن عبادة الاستغفار الله هي عبادة التوابين، وديدن الصالحين، ومسلك الأنبياء والمرقبين، أمر الله بها في كتابه المبين، ومدح أهلها في آيات الذكر الحكيم فقال جلّ في علاه:

وَٱلۡمُسۡتَغۡفِرِينَ بِٱلۡأَسۡحَارِ. (آل عمران:١٧)

وأمر به في كثير من آياته فقال:

وَأَنِ ٱسۡتَغۡفِرُواْ رَبَّكُمۡ ثُمَّ تُوبُوٓاْ إِلَيۡهِ. (هود:٣)

وأخبر مادحاً أقواماً وقع في الزلل فلازموا الاستغفار وأكرمهم الله بالمغفرة مع جنات تجري من تحتها الأنهار:

وَٱلَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ َٰحِشَةً أَوۡ ظَلَمُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ ذَكَرُواْ ٱللَّهَ فَٱسۡتَغۡفَرُواْ لِذُنُوبِهِمۡ وَمَن يَغۡفِرُ ٱلذُّنُوبَ إِلَّا ٱللَّهُ. (آل عمران:١٣٥)

ثم قال مبيّناً جزاءَ هذا الاستغفار فأثنى عليه بأنه من العمل الذي يستحق الثناء والمدح فقال:

أُوْلَٰٓئِكَ جَزَآؤُهُم مَّغۡفِرَةٞ مِّن رَّبِّهِمۡ وَجَنَّٰتٞ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَاۚ وَنِعۡمَ أَجۡرُ ٱلۡعَٰمِلِينَ. (آل عمران:١٣٦)

فوائد الاستغفار:

    تتعدد فوائد الاستغفار التي ذكرها الله في كتابه العزيز أو جاءت على لسان نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم فمن أهم هذه الفوائد:

  1. مغفرة الذنوب: يَقُول اللَّهُ سُبْحَانَهُ: وَمَن يَعۡمَلۡ سُوٓءًا أَوۡ يَظۡلِمۡ نَفۡسَهُۥ ثُمَّ يَسۡتَغۡفِرِ ٱللَّهَ يَجِدِ ٱللَّهَ غَفُورٗا رَّحِيمٗا. (سورة النساء:١١٠)
  2. أن من صاحبه الاستغفار كان له المتاع الحسن في الدنيا والآخرة: وَأَنِ ٱسۡتَغۡفِرُواْ رَبَّكُمۡ ثُمَّ تُوبُوٓاْ إِلَيۡهِ يُمَتِّعۡكُم مَّتَٰعًا حَسَنًا إِلَىٰٓ أَجَلٖ مُّسَمّٗى وَيُؤۡتِ كُلَّ ذِي فَضۡلٖ فَضۡلَهُۥۖ. (هود:٣)
  3. الاستغفار سبب لإنزال المطر وزيادة القوة: لقوله تعالى:

    وَيَٰقَوۡمِ ٱسۡتَغۡفِرُواْ رَبَّكُمۡ ثُمَّ تُوبُوٓاْ إِلَيۡهِ يُرۡسِلِ ٱلسَّمَآءَ عَلَيۡكُم مِّدۡرَارٗا وَيَزِدۡكُمۡ قُوَّةً إِلَىٰ قُوَّتِكُمۡ وَلَا تَتَوَلَّوۡاْ مُجۡرِمِينَ. (هود:٥٢)

    فالاستغفارُ مع الإقلاع عن الذنب سببٌ للخصب والنماء وكثرة الرزق وزيادة العزّة والمنعة.
  4. أن الاستغفار سبب لإجابة الدعاء: لقوله تعالى: فَٱسۡتَغۡفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوٓاْ إِلَيۡهِۚ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٞ مُّجِيبٞ. (هود:٦١)
  5. بالاستغفار يدفع الله العقوبة عن صاحبه ويُحفَظ من نزول المصائب عليه ويرفع النكبات النازلة بالإنسان كالقحط والطوفان والجوع والأوبئة المهلكة ،ويحقق الأمن النفسي والاجتماعي فعن أَبِى بُرْدَةَ بْنِ أَبِى مُوسَى عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:

    أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيَّ أَمَانَيْنِ لأمتي:
    وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمۡ وَأَنتَ فِيهِمۡۚ وَمَا كَانَ ٱللَّهُ مُعَذِّبَهُمۡ وَهُمۡ يَسۡتَغۡفِرُونَ. (سورة الأنفال:٣٣)
    إِذَا مَضَيْتُ تَرَكْتُ فِيهِمْ الاِسْتِغْفَارَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. (سنن الترمذي: ٣٣٦٢)

  6. الاستغفار سبب في إكرام اللّه تعالى للمستغفرين بالرّزق سواء من الأموال والبنين.
  7. الاستغفار يسهل الطّاعات ويسير الأرزاق.
  8. الاستغفار سبب لزوال الوحشة بين العبد وربه جلّ وعلا.
  9. الاستغفار سبب هام لابتعاد شياطين الإنس والجنّ عن العبد.
  10. بالاستغفار يجد العبد حلاوة الإيمان والطّاعة. ويحصل محبّة اللّه له.
  11. بالاستغفار دعاء واستغفار حملة عرش الرحمن له.
  12. بالاستغفار تحقق طهارة العبد النفسية والمعنوية ويتطهّر المجتمع من الأفعال السّيّئة.

وقول القائل: أستغفر الله، معناه: أطلبُ مغفرته، فهو كقوله: اللهمَّ اغفر لي، فالاستغفارُ التامُّ الموجبُ للمغفرة: هو ما قارن عدمَ الإصرار، كما مدح الله أهله، ووعدهم المغفرة، قال بعض العارفين: من لم يكن ثمرةُ استغفاره تصحيح توبته، فهو كاذب في استغفاره، وكان بعضُهم يقول: استغفارُنا هذا يحتاج إلى استغفارٍ كثير، وفي ذلك يقولُ بعضهم:

أستغْفِرُ الله مِنْ أستغفرُ الله ***من لَفظةٍ بَدَرَتْ خالفْتُ معناها
وكيفَ أرجو إجاباتِ الدُّعاء*** وقد سَدَدْتُ بالذَّنب عندَ الله مَجراها

التَّوْبَةُ وَالاِسْتِغْفَارُ:

التَّوْبَةُ وَالاِسْتِغْفَارُ يَشْتَرِكَانِ فِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا رُجُوعٌ إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ، كَذَلِكَ يَشْتَرِكَانِ فِي طَلَبِ إِزَالَةِ مَا لاَ يَنْبَغِي، إِلاَّ أَنَّ الاِسْتِغْفَارَ طَلَبٌ مِنَ اللَّهِ لإزالته، والتوبة سَعْيٌ مِنَ الإْنْسَانِ فِي إِزَالَتِهِ. (الفخر الرازي:١٧ /١٨١)

وَعِنْدَ الإْطْلاَقِ يَدْخُل كُلٌّ مِنْهُمَا فِي مُسَمَّى الآْخَرِ، وَعِنْدَ اقْتِرَانِهِمَا يَكُونُ الاِسْتِغْفَارُ طَلَبُ وِقَايَةِ شَرِّ مَا مَضَى وَالتَّوْبَةُ الرُّجُوعُ وَطَلَبُ وِقَايَةِ شَرِّ مَا يَخَافُهُ فِي الْمُسْتَقْبَل مِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِهِ، فَفِي التَّوْبَةِ أَمْرَانِ لاَ بُدَّ مِنْهُمَا: مُفَارَقَةُ شَيْءٍ، وَالرُّجُوعُ إِلَى غَيْرِهِ، فَخُصَّتِ التَّوْبَةُ بِالرُّجُوعِ وَالاِسْتِغْفَارُ بِالْمُفَارَقَةِ، وَعِنْدَ إِفْرَادِ أَحَدِهِمَا يَتَنَاوَل كُلٌّ مِنْهُمَا الآْخَرَ. (مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح : ٣ / ٤٦٠)

وَعِنْدَ الْمَعْصِيَةِ يَكُونُ الاِسْتِغْفَارُ الْمَقْرُونُ بِالتَّوْبَةِ عِبَارَةٌ عَنْ طَلَبِ الْمَغْفِرَةِ بِاللِّسَانِ، وَالتَّوْبَةُ عِبَارَةٌ عَنِ الإْقْلاَعِ عَنِ الذَّنْبِ بِالْقَلْبِ وَالْجَوَارِحِ. (شرح ثلاثيات مسند أحمد: ٢ / ٩٠٢)

سيد الاستغفار:

على المؤمن أن يستغفر بما ورد من صيغ الاستغفار في القرآن وسنّة خير الأنبياء صلى الله عليه وسلم ؛ فهي أجمعُ للمعاني وأروع في المباني وأعظم تأثيرًا في القلوب، وأقرب للمطلوب.

    وبركة الاستغفار والدعاء بالمأثور والوارد أجرين:

  1. أجر الدعاء والاستغفار.
  2. أجر الاتباع والاقتداء، ولا بأس أن يدعو ويستغفر بما يفتح الله عليه ويلهمه الله حتى ولو كان بغير العربية، أو باللهجة العامية فإن الله يعلم ما في الصدور ولا يحتاج للشرح والتعبير وما التعبير الحاصل إلا إبراز لمنهج العبودية التي رسمها حبيبنا صلى الله عليه وسلم. وعليه بدعاء سيد الاستغفار الذي جاء عَنْ بُشَيْرِ بْنِ كَعْبٍ الْعَدَوِىِّ قَالَ حدثني شَدَّادُ بْنُ أَوْسٍ رضى الله عنه عَنِ النبي صلى الله عليه وسلم

    سَيِّدُ الاِسْتِغْفَارِ أَنْ تَقُولَ اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّى، لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ، خلقتني وَأَنَا عَبْدُكَ، وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ، أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَىَّ وَأَبُوءُ بذنبي ، اغْفِرْ لي ، فَإِنَّهُ لاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ أَنْتَ ».قَالَ « وَمَنْ قَالَهَا مِنَ النَّهَارِ مُوقِنًا بِهَا، فَمَاتَ مِنْ يَوْمِهِ قَبْلَ أَنْ يُمْسِىَ، فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَمَنْ قَالَهَا مِنَ اللَّيْلِ وَهْوَ مُوقِنٌ بِهَا، فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحَ، فَهْوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ. (صحيح البخاري:٦٣٠٦)

وعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ إِنْ كُنَّا لَنَعُدُّ لِرَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- في الْمَجْلِسِ الْوَاحِدِ مِائَةَ مَرَّةٍ:

رَبِّ اغْفِرْ لي وَتُبْ عَلَىَّ إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ. (سنن أبى داود:١٥١٨)

وعَنْ زَيْدٍ مَوْلَى النبي -صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ:

مَنْ قَالَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الَّذِى لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَىُّ الْقَيُّومُ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ غُفِرَ لَهُ وَإِنْ كَانَ فَرَّ مِنَ الزَّحْفِ. (سنن أبى داود:١٥١٩)

أهمية الاستغفار:

الاستغفار مهم للعبد المذنب والمؤمن المقصر ولا يخلو عبد عن ذنب أو تقصير ولا طريق لمحو هذا الذنب إلا التوبة الصادقة المقرونة بالاستغفار عمّا بدر في حضر العزيز الجبار والرحيم الغفار، من هنا كان للاستغفار أهمية كبرى في حياة العبد المذنب، ولذلك كان يكثر منه السلف والصحابة كما ورد عنهم في حلية الأولياء وغيرها.

أحاديث في أهمية الاستغفار:

  1. عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النبيِّ ﷺ، فِيما يَحْكِي عن رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ، قالَ:

    أَذْنَبَ عَبْدٌ ذَنْبًا، فَقالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي ذَنْبِي، فَقالَ تَبارَكَ وَتَعالى: أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْبًا، فَعَلِمَ أنَّ له رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ، وَيَأْخُذُ بالذَّنْبِ، ثُمَّ عادَ فأذْنَبَ، فَقالَ: أَيْ رَبِّ اغْفِرْ لي ذَنْبِي، فَقالَ تَبارَكَ وَتَعالى: عَبْدِي أَذْنَبَ ذَنْبًا، فَعَلِمَ أنَّ له رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ، وَيَأْخُذُ بالذَّنْبِ، ثُمَّ عادَ فأذْنَبَ فَقالَ: أَيْ رَبِّ اغْفِرْ لي ذَنْبِي، فَقالَ تَبارَكَ وَتَعالى: أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْبًا، فَعَلِمَ أنَّ له رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ، وَيَأْخُذُ بالذَّنْبِ، اعْمَلْ ما شِئْتَ فقَدْ غَفَرْتُ لَكَ، قالَ عبدُ الأعْلى: لا أَدْرِي أَقالَ في الثّالِثَةِ أَوِ الرّابِعَةِ: اعْمَلْ ما شِئْتَ. (صحيح مسلم:٧١٦٢)

  2. عن أبي هُرَيْرَةَ قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، يَقُولُ:

    «إِنَّ عَبْدًا أَذْنَبَ ذَنْبًا». وَذَكَرَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ: «أَذْنَبَ ذَنْبًا». وَفِى الثَّالِثَةِ: «قَدْ غَفَرْتُ لِعَبْدِى فَلْيَعْمَلْ مَا شَاءَ». (صحيح مسلم:٧١٦٤)

الاستغفار (يفكُّ)يحل عقد الإصرار:

المعنى الذي تشير إليه الأحاديث السابقة أنه ما دام على هذا الحال كلَّما أذنب استغفر. والظاهر أنَّ مرادهُ الاستغفارُ المقرون بعدم الإصرار فعن أَبِى بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :

مَا أَصَرَّ مَنِ اسْتَغْفَرَ وَإِنْ عَادَ في الْيَوْمِ سَبْعِينَ مَرَّةً. (السنن الكبرى للبيهقي :ج ١٠ / ص ١٨٨)

وأمّا استغفارُ اللسان مع إصرار القلب على الذنب، فهذا راجع للمشيئة الإلهية إن شاء قبل وأجاب أو أخذ بالعقاب، وقد يكون الإصرار مانعاً من الإجابة، فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو ابْنِ الْعَاصِ، عَنِ النبي صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ:

ارْحَمُوا تُرْحَمُوا، وَاغْفِرُوا يَغْفِرِ اللَّهُ لَكُمْ، وَيْلٌ لأَقْمَاعِ الْقَوْلِ، وَيْلٌ لِلْمُصِرِّينَ الَّذِينَ يُصِرُّونَ عَلَى مَا فَعَلُوا، وَهُمْ يَعْلَمُونَ. (مسند أحمد:٦٦٩٨)

وأما الدُّعَاءُ والاستغفارُ

فكُل دُعَاءٍ فِيهِ سُؤَال الْغُفْرَانِ فَهُوَ اسْتِغْفَارٌ. والاِسْتِغْفَارُ الْمَطْلُوبُ هُوَ الَّذِي يُحِل عُقْدَةَ الإصْرَارِ ، وَيَثْبُتُ مَعْنَاهُ فِي الْجَنَانِ ، لاَ التَّلَفُّظُ بِاللِّسَانِ، فَإِنْ كَانَ بِاللِّسَانِ - وَهُوَ مُصِرٌّ عَلَى الْمَعْصِيَةِ - فَإِنَّهُ ذَنْبٌ يَحْتَاجُ إِلَى اسْتِغْفَارٍ, كَمَا رُوِيَ :

التَّائِبُ مِنَ الذَّنْبِ ، كَمَنْ لاَ ذَنْبَ لَهُ ، وَالْمُسْتَغْفِرُ مِنَ الذَّنْبِ وَهُوَ مُقِيمٌ عَلَيْهِ كَالْمُسْتَهْزِئِ بِرَبِّهِ. (شعب الإيمان للبيهقي:٦٩٢٠)

وَيُطْلَبُ لِلْمُسْتَغْفِرِ بِلِسَانِهِ أَنْ يَكُونَ مُلاَحِظًا لِهَذِهِ الْمَعَانِي بِجِنَانِهِ ، لِيَفُوزَ بِنَتَائِجِ الاِسْتِغْفَارِ ، فَإِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ لَهُ ذَلِكَ فَيَسْتَغْفِرُ بِلِسَانِهِ ، وَيُجَاهِدُ نَفْسَهُ عَلَى مَا هُنَالِكَ ، فَالْمَيْسُورُ لاَ يَسْقُطُ بِالْمَعْسُورِ فعلى المؤمن أن يحذر الوقوع بالإصرار ليبعد عن الاستهزاء .

اللهم ارزقنا التوبة الصادقة، وأكرمنا بثمراتها، وأعنا على أن نكون من المستغفرين بالأسحار الذين تهب لهم العطايا في الليل والنهار يا عزيز يا غفار يا حليم يا ستار والحمد لله رب العالمين.

تعليقات



رمز الحماية