من أهم الأحداث الواردة في شهر ربيع الأول وربيع الآخر وجمادى الأولى 1444 هـ | أبو جواد محمد سليمان الباروي


نشرت: يوم السبت،24-ديسمبر-2022

من أهم الأحداث الواردة في شهر ربيع الأول وربيع الآخر وجمادى الأولى 1444 هـ

وقد حدثت في هذه الأشهر أحداث ووقائع كثيرة، أحببنا أن نذكر بعضها لنستفيد منها بالعلم والعمل والمعرفة، ومن تلك الأحداث:

ربيع الأول

هجرة النبي ﷺ

ورد في صحيح البخاري:

هاجر ناسٌ إلى الحَبَشَةِ من المسلمين، وتَجَهَّزَ سيدنا أبو بكر رضي الله تعالى عنه مُهاجِرًا، فقال النّبيّ ﷺ: على رِسْلِكَ؛ فإنّي أرجو أن يُؤذن لي، فقال سيدنا أبو بكر رضي الله تعالى عنه: وهل ترجو ذلك بأَبِي أنْتَ؟ قالَ: نَعَمْ

وكم استبشر سيدنا أبا بكر رضي الله تعالى عنه بهذا الكلام حين قال له: وهل ترجو ذلك بأَبِي أنْتَ؟ قالَ: نَعَمْ.

فجاء الوحي أن يهاجر في تلك الليلة وألاّ يبيت في فراشه:

﴿وَإِذۡ يَمۡكُرُ بِكَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثۡبِتُوكَ أَوۡ يَقۡتُلُوكَ أَوۡ يُخۡرِجُوكَۚ وَيَمۡكُرُونَ وَيَمۡكُرُ ٱللَّهُۖ وَٱللَّهُ خَيۡرُ ٱلۡمَٰكِرِينَ ٣٠﴾

أَيْ: يمزق مكرهم حين يمكرون، فأسرع أبو بكر رضي الله تعالى عنه لتجهيز الراحلتين وكانت أسماء رضي الله تعالى عنها حاضرة تساعد أباها فأتت بنطاقها فشقّته قسمين وربطت به جراب الأكل، وسميتْ بــــ"ذات النطاقين". وأمر رسول الله ﷺ عليّ بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه أن يتخلّف مكانه، لكي يرد الودائع الكثيرة التي عنده للمشركين.

سبحان الله! تناقضات غريبة يتربّص الكفار لقتله، ولا يجدون أميناً غيره في مكّة يضعون عنده أماناتهم؟ لكنها العصبيّة الرعناء وليس الشكّ في صدق رسول الله ونبوته ﷺ، وفي اليوم المحدّد جاء " عبد الله بن أُرَيقِط " ليريهما الطرق الخفية التي لا يعرفها المشركون.

وبحث المشركون عن رسول الله ﷺ حتى وصلوا إلى فم الغار وكان مائلاً، لو وقف أحدهم بجانبه لرأى ما فيه، وحينها ساورت أبو بكر رضي الله تعالى عنه المخاوف والخشية وقال يا رسول الله ﷺ! لو أنّ أحدهم نظر موضع قدميه لرآنا، فقال له رسول الله ﷺ مطمئِنًّا: "ما ظنّك باثنين الله ثالثهما" وقد أعمى الله تعالى أبصارهم عما في الغار، فبحثوا ثم عادوا خائبين.

وسار الدليل "عبد الله بن أُرَيقِط" من مكّة معهم، ووصلوا على الأرجح في 12 ربيع الأول، حيث خرج في 2 ربيع الأول، فوصل الرسول ﷺ إلى مكان قباء من ضواحي المدينة، ونزل هناك

أول صلاة للجمعة

بعد وصوله إلى قباء قد خرج رسول الله ﷺ من قباء متوجّهاً إلى المدينة وكان يوم الجمعة، وقال بعض المؤرّخين: وعند مسيره إلى المدينة أدركته صلاة الجمعة في بني سالم بن عوف وهي أول جمعة صلاّها في الإسلام فصلاّها في المسجد الذي في بطن الوادي بمن معه من المسلمين وهم مائة، وصلاّها بعد ذلك في المدينة وكانوا به أربعين. وهي أول جمعة صلاّها في الإسلام، فعن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه: أنه جمع بالمدينة وكانوا أربعين رجلاً، أي: ولم يحفظ أنه صلاّها مع النقص عن هذا العدد ومن حينئذٍ صلّى الجمعة في ذلك المسجد، وسمّي بـ"مسجد الجمعة"، وهو على يمين السالك نحو قباء، فكانت أوّل جمعة صلاّها بالمدينة: أي: وخطب لها، وهي أول خطبة خطبها في الإسلام وفيها: فمن استطاع أن يقي وجهه من النار ولو بشقّ تمرة فليفعل، ومن لم يجد فبكلمة طيّبة فإنها تجزي، الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة، والسلام على رسول الله ﷺ ورحمة الله وبركاته»، وفي رواية: والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته: ونقل القرطبي هذه الخطبة في تفسيره

ربيع الثاني

زيادة صلاة الحضر

عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت:

فرضت صلاة السفر والحضر ركعتين، فلما أقام رسول الله ﷺ بالمدينة زيد في صلاة الحضر ركعتانِ ركعتانِ، وتركت صلاةُ الفجر لطول القراءة، وصلاةُ المغربِ؛ لأنها وترُ النهارِ

ثمّ بعد أن استقرّ فرض الرّباعيّة خفّف منها في السّفر عندما نزل قوله تعالى:

﴿فَلَيۡسَ عَلَيۡكُمۡ جُنَاحٌ أَن تَقۡصُرُواْ مِنَ ٱلصَّلَوٰةِ﴾

وفي رواية أخرى: عن عروة عن عائشة رضي الله عنهما قالت:

فرضت الصلاة ركعتين، ثم هاجر النبي ﷺ ففرضت أربعاً

فعيّن في هذه الرّواية: أنّ الزيادة في قوله هنا "زيد في صلاة الحضر" وقعت بالمدينة، ويؤيّد ذلك ما ذكره ابن جرير الطبري رحمه الله تعالى في تاريخه: وفي هذه السنة زيد في صلاة الحضر وكانت صلاة الحضر والسفر ركعتين، وذلك بعد مقدم رسول الله ﷺ المدينة بشهر في ربيع الآخر، لمضي 12 ليلة منه، قال الواقدي رحمه الله: إنه لا خلاف بين أهل الحجاز فيه

سريّة سيدنا أبي عبيدة رضي الله تعالى عنه إلى ذي القصّة

كانت في ربيع الآخر سنة 6 هـ ليلة السبت، وغاب ليلتين، وروى ذلك عبد الله بن الحارث بن الفضل عن أبيه رضي الله تعالى عنهم وذكراً أنه: أجدبت بلاد بني ثعلبة وأنمار، ووقعت سحابةٌ بالمراض إلى تغلمين، فصارت بنو محارب وثعلبة وأنمار إلى تلك السّحابة، وكانوا قد أجمعوا أن يغيروا على سرح المدينة، وهي ترعى ببطن هيفاء، موضع على سبعة أميال من المدينة، فبعث رسول الله ﷺ أبا عبيدة بن الجرّاح رضي الله تعالى عنه في أربعين رجلاً من المسلمين حين صلّوا صلاة المغرب، فباتوا ليلتهم يمشون حتّى وافوا ذي القصّة مع عماية الصّبح، فأغار عليهم فأعجزهم هرباً في الجبال، وأخذ رجلاً منهم ووجد نعماً من نعَمهم فاستاقه، ورثة من متاع، فقدم به المدينة المنورة، فأسلم الرّجل فتركه رسول الله ﷺ، فلمّا قدم عليه خمّسه رسول الله ﷺ وقسّم ما بقي عليهم

جمادى الأولى

غزوة العُشَيرة

خرج رسول الله ﷺ في جمادى الآخرة على رأس 16 شهرًا، واستخلف على المدينة المنورة أبا سلمة بن عبد الأسد المخزومي رضي الله تعالى عنه، وأخذ على نقب بني دينار بن النجار، وأخذ على فَيفَاء الخبار، فنزل تحت شجرة ببطحاء ابن أزهر، يقال لها: "ذات السّاق" فصلّى عندها، فثمَّ مسجده ﷺ، وصنع له عندها طعامٌ فأكل منه، وأكل الناس معه فموضع أثافي البُرمة معلومٌ هنالك، واستقي له من ماء به يقال له "الْمُشتَرِب"، ثمّ ارتحل رسول الله ﷺ فترك الخلائق بيسار وسلك شعبة "يقال لها: شعبة عبد الله" إلى اليسار حتى هبَط يَليَل، فنزل بمجتمعه ومجتمع الضبوعة، واستقى من بئر بالضبوعة، ثم سلك فرش ملل، حتى لقي الطريق بصُحَيرات اليمام، حتّى نزل العشيرة من بطن ينبع، فأقام هنالك باقي جمادى الأولى، وليالي جمادى الآخرة، ووادع فيها بني مدلج، وحلفاءهم من بني ضمرة ثمّ رجع إلى المدينة المنورة، ولم يلق كيداً

غزوة مؤتة

بعث رسول الله ﷺ بعثه إلى مؤتة في جمادى الأولى سنة 8 هـ، واستعمل عليهم زيد بن حارثة رضي الله تعالى عنه، وقال ﷺ: إن أصيب زيدٌ فجعفر بن أبي طالب على النّاس، فإن أصيب جعفرٌ فعبد الله بن رواحة على النّاس رضي الله تعالى عنهم أجمعين، وهم ثلاثة آلاف وشيعهم رسول الله ﷺ وودعهم، ثم انصرف ونهضوا، فلما بلغوا معان من أرض الشام، أتاهم الخبر: أنّ هرقل ملك الروم قد نزل أرض بني مآب، وهم مائة ألف من الروم، ومائة ألف أخرى من نصارى أهل الشام، حتى إذا كانوا بتخوم البلقاء، لقوا الجموع مع هرقل إلى جنب قرية مشارف، وصار المسلمون في قرية مؤتة، واقتتلوا، فقتل الأمير الأول زيد بن حارثة رضي الله تعالى عنه ملاقياً بصدره الرماح، والراية في يده؛ فأخذها جعفر بن أبى طالب، فقاتل حتى قتل كذلك، فأخذ عبد الله بن رواحة رضي الله تعالى عنه الراية، فقاتل حتى قتل. فأخذ الراية خالد بن الوليد رضي الله تعالى عنه، وانحاز بالمسلمين، فأنذر النبي ﷺ بقتل الأمراء المذكورين قبل ورود الخبر، في يوم قتلهم بعينه

نسأل الله تعالى أن ينفعنا بهذه الأحداث التاريخية العظيمة التي تعطينا درساً عظيماً من القرآن والسنة والدعوة إلى الله تعالى وخدمة العلم، ويجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله تعالى على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم والحمد لله رب العالمين.


#مركز_الدعوة_الاسلامية
#مركز_الدعوة_الإسلامية
#الدعوة_الإسلامية
#مجلة_نفحات_المدينة
#نفحات_المدينة

تعليقات



رمز الحماية