مدونات مختارة
الأكثر شهرة
صحابي أسلم صغيرًا | أم حيان العطارية
هو الصحابي الجليل المحدّث الفقيه، ابن خليفة المسلمين سيدنا الفاروق رضي الله تعالى عنهما، يكنّى بـ"أبي عبد الرحمن" واسمه سيدنا "عبد الله بن عمر" رضي الله تعالى عنه، كان من صغار الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين وأحد المكثرين في الفتوى ورواية الحديث، روى 2630 حديثًا.
مولده ووفاته:
ولد بمكة المكرمة قبل الهجرة بـعشر سنوات وتوفي عام 73 هـ عن 83 عامًا رضي الله عنه.
إسلامه، وزواجه وأولاده:
أسلم صغيرًا في مكة المكرمة قبل الهجرة وقبل البلوغ، ثم هاجر مع أبيه إلى المدينة المنورة، تزوّج من صفية بنت أبي عبيد، وأولاده هم أبو بكر وأبو عبيدة وعمر وسالم وحمزة وعبد الله وبلال وواقد وعبيد الله وزيد رضي الله عنهم جميعًا (الطبقات الكبرى لابن سعد: 4/106).
أما تلامذته المشهورون فهم: نافع مولى ابن عمر، وطاووس بن كيسان، ومحمد بن سيرين رحمهم الله تعالى جميعًا (الطبقات الكبرى لابن سعد: 4/106-105).
غزواته:
شهد غزوة الخندق، وبيعة الشجرة، ومؤتة، وفتح مكة، وفتوح الشام والعراق وإفريقية وفارس، وعندما أتى المدينة كان صغيرًا فأراد أن يخرج للقتال في غزوة بدر وأحد لكن النبي ﷺ ردّه بسبب صغر سنّه.
وقد رُوي عنه قولُه: عُرضت على النبي ﷺ يوم بدر وأنا ابن ثلاث عشرة سنة، فلم يقبلني، وعرضت عليه يوم أحد وأنا ابن أربع عشرة سنة، فلم يقبل وعرضت عليه يوم الخندق وأنا ابن خمس عشرة سنة فقبل (المرجع السابق).
دينه وورعه:
أما عن دينه وورعه فقد اعتزل الفتن والخلافات بين المسلمين، ورفض القضاء زمن سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه كما أنه رفض ولاية الشام زمن سيدنا علي كرم الله وجهه.
نعم لقد رفض المناصب كلها التي عُرضت عليه، فهو يرى أن حقن الدماء أولى من كل شيء، فكان قوله: "إنما هؤلاء فتيان قريش يقتتلون على هذا السلطان وعلى هذه الدنيا، ما أبالي ألا يكون لي ما يقتل عليه بعضهم بعضًا بنعليّ هاتين"، وكان يقول "لو اجتمعت عليّ الأمة إلا رجلين ما قاتلتهما" (الطبقات الكبرى لابن سعد: 4/112).
هكذا كان ورعه رضي الله عنه لا يهتم لمناصب الدنيا أبدًا فكان حياديًا يقول: أرجو أن أخرج من الدنيا ويدي بيضاء نقية (تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر: 31/187).
روى عن النبي ﷺ وعن أبي بكر الصديق وعن أبيه وعن سيدنا عثمان وأبي ذر وعائشة وعليّ وبلال رضي الله عنهم جميعًا، فكان عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنه من المكثرين للفتيا والرواية من الصحابة، ومع ذلك كان شديد الحذر في الفتيا.
نشأته:
كان زاهدًا عابدًا سخيًّا من أكثر الناس اتباعًا واقتداءً بسنة النبي ﷺ، كان ملجأ لطلاب الحديث والفتاوى في المدينة المنورة، إذا نظرنا في نشأته رضي الله عنهما وجدنا أن أثر النشأة في ربوع النبوة قد أثمر في أخلاقه ونشأته ولأن رسول الله ﷺ كان يهتمّ بالأطفال وتنشئتهم، فأعطاهم من الاحترام والثقة كالكبار، فنشأ الأطفال في عهد النبوة في تميّز وإبداع وعقيدة راسخة، ومن هؤلاء الذين نشؤوا في عهد النبوة سيدنا أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه وسيدنا أسامة بن زيد رضي الله تعالى عنه الذي قاد جيشًا وهو في سنّ الثامنة عشرة عامًا.
ورأينا سيدنا ابن عمر رضي الله تعالى عنه الذي عرض على رسول الله ﷺ الخروج للقتال في بدر وأحد وهو في الثالثة عشرة من عمره، إنها العقيدة الراسخة التي تأسّست في الصغر، واليوم يطلق علماء النفس على هذا السنّ "سن المراهقة"، وهو برأيهم سنّ الطيش، وعدم حسن الاختيار وضعف النضج في العقل والتفكير، لكن في زمن النبوة كان يُنظر لهذا السن بأنه سن النضج وترسيخ العقيدة حتى كان من أثر ذلك اختيار سيدنا ابن عمر رضي الله تعالى عنه وتفكيره بالخروج للقتال وهو في هذا السن مع أنه يعرف أن هناك شهادة، ولا يعلم المرء إذا خرج هل يرجع أم لا؟
أخيرًا!
وحين وجّه رسول الله ﷺ الخطاب والأوامر للأطفال أمرهم بالصلاة في سنّ السابعة وأمر أن يعاقبوا عليها في العاشرة، فهذا يعني أن الطفل يخاطب بأمور العقيدة وبعض الفرائض ولا يترك هكذا بحجة أنه صغير، فالذي يقرأ السيرة النبوية الشريفة يرى أن الصحابة الذين نشؤوا حول النبي ﷺ تأثروا في هذه النشأة المباركة، وكانت حياتهم وسيرتهم مميزة رغم صغر سنهم، ولأن النبي ﷺ كان ولا يزال هو المعلم الأول للإنسانية جميعًا، وتؤخذ الدروس والعبر القيمة من سيرته وتعامله مع الصغير والكبير، فلا نحتاج لتعلّم أسس التربية من علماء النفس والاجتماع، إنما لو رجعنا لسيرة سيدنا وحبيبنا محمد ﷺ وجدنا عنده كافة الأساليب والقيم الأخلاقية والإنسانية في طرق المعاملة والتربية، صلى الله على أشرف الأنبياء خُلُقًا وخَلْقًا، ورضي الله عن صحابته الكرام الذين هم كالنجوم نقتدي بسيرتهم العطرة الزكية في كل زمان ومكان.
#مركز_الدعوة_الاسلامية
#مركز_الدعوة_الإسلامية
#الدعوة_الإسلامية
#مجلة_نفحات_المدينة
#نفحات_المدينة
تعليقات