الطب النبوي الشريف والتداوي بالأعشاب | محمد رضا القريشي


نشرت: يوم الأَربعاء،16-أبريل-2025

الطب النبوي الشريف والتداوي بالأعشاب

منذ القدم، اعتمد الإنسان على الطبيعة في تلبية احتياجاته المختلفة، بما في ذلك استخدام النباتات والأعشاب للعلاج، ومع تطور العصور أصبحت الأعشاب جزءًا أساسيًا من الطب التقليدي في مختلف الحضارات، ويُعد الطب النبوي فرعًا من العلوم الإسلامية الذي يهتم بإرشادات النبي محمد ﷺ في الوقاية والعلاج، جامعًا بين الإيمان والطب في نهج متكامل لصحة الإنسان.

مفهوم الطب النبوي:

الطب النبوي هو عبارة عن مجموعة من النصائح الطبية التي وصلتنا عن النبي ﷺ من خلال الأحاديث النبوية الشريفة، فهي تعالج النفوس وأمراض القلوب، والأجساد.

وهو مصطلح يشير إلى كل ما ورد في الهدي النبوي مما يتعلق بالطب، سواء ما تطبب به النبي ﷺ أو وصفه للآخرين، ويشمل ذلك الآيات القرآنية والأحاديث الشريفة.

أهمية الطب النبوي:

تبرز أهمية الطب النبوي في دمجه بين العلاج الجسدي والدعم الروحي، مما يحقق توازنًا شاملًا لصحة الإنسان، ويعتمد هذا الطب على توجيهات نبوية شريفة أثبتت فعاليتها على مر الزمان، سواء في الوقاية أو العلاج كما يولي أهمية كبيرة للتغذية السليمة، مشجّعًا على تناول الأطعمة الصحية التي تدعم صحة الإنسان وتقيه من الأمراض، مما يجعله نهجًا شاملاً يجمع بين التجربة العملية والهدي الرباني.

مزايا الطب النبوي:

o فعاليته في علاج الأمراض: يُعتبر الطب النبوي علاجًا فعالًا للعديد من الأمراض التي يعاني منها الإنسان مثل الصداع، السرطان، وأمراض القلب، بالإضافة إلى مشكلات صحية أخرى متعددة.

o توافر المواد والأدوات بأسعار معقولة: المواد والأدوات المستخدمة في تطبيق الطب النبوي غالبًا ما تكون متوفرة في الطبيعة وسهلة الحصول عليها، كما أنها تتميز بتكلفتها المنخفضة مقارنة بالعلاجات الأخرى.

o عدم وجود آثار جانبية: يعتمد الطب النبوي في معظم علاجاته على الأعشاب الطبيعية والمواد المفيدة صحياً، مما يقلل من حدوث أي آثار جانبية سلبية على الجسم مقارنة بالأدوية الكيميائية الأخرى.

أنواع العلاج بالطب النبوي:

الطب النبوي يشمل مجموعة من الإرشادات الطبية التي قدمها النبي ﷺ في مختلف جوانب الحياة الصحية، وتتنوع بين الوقاية والعلاج والعناية بالنواحي النفسية والروحية، ويمكن أن نقسّمها إلى ثلاثة أقسام:

o الطب النبوي المتعلق بالمحافظة على الصحة : ويشمل الإرشادات النبوية التي تهدف إلى الوقاية والحفاظ على الصحة العامة من خلال العادات اليومية السليمة مثل التغذية المتوازنة والنظافة الشخصية والرياضة.

o الطب النبوي المتعلق بالعلاج: ويتضمن العلاجات الطبيعية والتوجيهات التي وردت عن النبي ﷺ لمعالجة الأمراض، مثل استخدام الأعشاب الطبية والطرق الطبيعية لعلاج الأمراض الجسدية.

ملحوظة: قبل تناول أيّ دواء أو مكمل غذائي لابدّ من استشارة الطبيب لضمان سلامة صحتك والعلاج المناسب.

o الطب النبوي الروحي: ويشمل الإرشادات التي تساهم في تعزيز الصحة النفسية والروحية، مثل الرقية الشرعية، والدعاء، وطرق التعامل مع الأرق والاكتئاب من خلال تقوية التوكّل على الله والإيمان.

ما هو الطب النبوي الوقائي؟ الطب النبوي الوقائي هو عبارة عن مجموعة إرشادات نبوية تهدف إلى الوقاية من الأمراض من خلال القضاء على أسبابها ومنع انتشار العدوى، ويشمل تحسين ظروف الحياة والحد من الحوادث والتوتر كما يعزز من الحفاظ على صحة الأفراد في المجتمع عبر وقايتهم من الأمراض وتحسين عافيتهم.

من الإرشادات النبوية:

• الطهارة والنظافة الشخصية:

o الطهور شطر الإيمان (صحيح مسلم: 223)

o ما لي أراكم تأتوني قُلْحًا، استاكوا، لولا أن أشُقَّ على أمتي، لفرضتُ عليهم السِّواك (مسند أحمد:1835)

• الاعتدال في الأكل والشرب:

o «ما ملأ آدميٌّ وِعاءً شرًّا مِن بطنِه حسْبُ ابنِ آدم ثلاثُ أكلاتٍ يُقِمْنَ صُلبَه، فإنْ كان لا محالة فثُلثُ طعامٍ وثلثُ شرابٍ وثلثُ لنفسِه» (المستدرك للحاكم: 7945)

• الصيام لتعزيز الصحة:

o صوموا تصحوا (المعجم الأوسط للطبراني: 8312)

• تجنب العادات الغذائية الضارة:

o «لاَ آكُلُ مُتَّكِئًا» (صحيح البخاري: 5398)

o «انهسوا اللحم نهسًا فإنه أهنأ وأمرأ» (سنن الترمذي: 1835)

o «نهى رسول الله ﷺ عن أكل الجلالة وألبانها» (سنن الترمذي: 1824)

• الاهتمام بآداب الأكل والشرب:

o «بركة الطعام الوضوء قبله، والوضوء بعده» (سنن أبي داود: 3761)

o «إذا أكل أحدكم فليأكل بيمينه، وإذا شرب فليشرب بيمينه فإن الشيطان يأكل بشماله، ويشرب بشماله» (صحيح مسلم: 2020)

• الاستفادة من الملح والأطعمة الصحية:

• إذا أكلتَ فابدأْ بالْمِلْحِ واختِمْ بِالْمِلْحِ فإنَّ الْمِلْحَ شِفاءٌ مِن سبعين داءٍ: أوَّلها الجنون والجُذام والبَرَص ووجَعِ الأضراس ووجَعِ الحلق ووجع البطن (المطالب العالية لابن حجر العسقلاني: 2390).

• التوصية ببعض الأطعمة الوقائية:

o «من تصبح بسبع تمرات عجوة، لم يضره ذلك اليوم سم، ولا سحر» (صحيح مسلم: 2047)

o «من لعق العسل ثلاث غدوات، كل شهر، لم يصبه عظيم من البلاء» (سنن ابن ماجه: 3450)

هذه الإرشادات النبوية تمثّل نظامًا وقائيًا متكاملًا يعزز الصحة العامة ويساهم في بناء مجتمع صحي ومتوازن.

قبسات طبية في الأقوال النبوية:

تناولت الأحاديث النبوية الشريفة إرشادات صحية متكاملة تجمع بين الوقاية والعلاج، مع التأكيد على أهمية النظافة والتداوي بالوسائل المباحة والفعالة كما دعت إلى استخدام العلاجات الطبيعية مثل الحجامة والعسل، وربطت الصحة الجسدية بالعناية الروحية.

هذه التوجيهات تقدم نهجًا متوازنًا ينسجم مع القيم العلمية والإنسانية:

o «إنَّ الله أنزل الداء والدواء، وجعل لكل داء دواء فتداووا ولا تداووا بحرام» (سنن أبي داود: 3866)

o «لا تداوِ أحدًا حتَّى تعرف داءَه» ( المتفق والمفترق للخطيب: 3/1775)

o «الحمى من فيح جهنم فأبردوها بالماء» (صحيح البخاري: 3263)

o «إذا حم أحدكم فليشن عليه الماء البارد من السحر ثلاثا» (السنن الكبرى للنسائي: 7566)

o الشفاء في ثلاثة: شربة عسل، وشرطة محجم، وكية نار، وأنهى أمتي عن الكي (صحيح البخاري: 5680)

o إن خير ما تداويتم به اللَّدُود والسَّعوط والحِجامة والْمَشِيُّ، وخيرُ ما اكتحلتم به الإِثمد، فإنه يجلو البصَر ويُنبت الشَّعر (سنن الترمذي: 2048)

o «إن التلبينة تجم فؤاد المريض، وتذهب ببعض الحزن» (صحيح البخاري: 5689)

o «إن الخاصرة عرق الكلية، إذا تحرك آذى صاحبها، فداووها بالماء المحرق والعسل» (المستدرك للحاكم: 4/449)

o «المؤمن يأكل في معى واحد، والكافر يأكل في سبعة أمعاء» (صحيح البخاري: 5393)

o «خير ماء على وجه الأرض ماء زمزم فيه طعام من الطعم وشفاء من السقم (المعجم الكبير للطبراني: 11167)

الطب النبوي والتداوي بالأعشاب:

o الحبة السوداء (Nigella sativa):

«إن هذه الحبة السوداء شفاء من كل داء، إلا من السام» قلت: وما السام؟ قال: «الموت» (صحيح البخاري: 5687).

o العسل (Honey):

"عليكم بالشفاءين: العسل، والقرآن" (سنن ابن ماجه: 3452).

o زيت الزيتون (Olive Oil):

كلوا الزيت وادهنوا به فإن فيه شفاء من سبعين داء منها الجذام (الطب النبوي لأبي نعيم الأصفهاني: 684).

o ماء زمزم (zamzam water):

"خير ماء على وجه الأرض ماءُ زَمْزَمَ، فيه طَعامٌ مِن الطُّعْمِ، وشِفاءٌ مِن السُّقْمِ " ( أخبار مكة للفاكهي: 1106).

o التين (Fig):

كلوا التين فلو قلت: إن فاكهة نزلت من الجنة بلا عجم لقلت هي التين كلوه فإنه يقطع البواسير وينفع من النقرس (الطب النبوي للأصفهاني: 467).

o الحناء: (Henna):

عن أم رافع، مولاة رسول الله ﷺ قالت: «كان لا يصيب النبي ﷺ، قرحة، ولا شوكة، إلا وضع عليه الحناء» (سنن ابن ماجه: 3502).

o القسط الهندي (Saussurea costus):

"عليكم بهذا العود الهندي، فإن فيه سبعة أشفية: يستعط به من العذرة، ويلد به من ذات الجنب" (صحيح البخاري: 5692).

o نبات الصَّبِر: (Aloe vera)

قال رسول الله ﷺ: ماذا في الأمرين من الشفاء "الصبر والثفاء" ( السنن الكبرى للبيهقي: 19578).

أي: الصَّبِرُ: هو الدواء المرُّ المعروف. والثُّفاء: هو الخَرْدَل (النهاية لابن الأثير: 4/317).

o المرزنجوش (Organum):

عليكم بالمرزنجوش فشموه فإنه جيد للخشام (الطب النبوي للأصفهاني: 286).

أي: البردقوش.

o الهندباء (Dandelions)

عليكم بالهِنْدباء فإنه ما مِن يوم إلا وهو تُقطَر عليه قطرة من قَطر الجنة (الطب النبوي للأصفهاني: 678).

o الكمأة (Terfeziaceae)

«الكمأة من المن، وماؤها شفاء للعين» (صحيح البخاري: 4478).

o الحلبة (Fenugreek):

o «لو تعلم أمتي ما لها في الحلبة، لاستردوها ولو بوزنها ذهبا» ( المعجم الكبير للطبراني: 187).

ملحوظة: قبل تناول أيّ دواء أو مكمل غذائي لابدّ من استشارة الطبيب لضمان سلامة صحتك والعلاج المناسب.

الرسائل والكتب القديمة المؤلّفة في الطب النبوي الشريف:

لا تزال مجموعة من الكتب والرسائل المؤلفة في الطب النبوي موجودة في مكتبات العالم رغم ضياع العديد منها عبر الزمن، وإليكم قائمة مختصرة لأشهر كتب الطب النبوي التي تناولها العلماء:

1. الطب النبوي للإمام علي الرضا (م: 203 ه)

2. الطب النبوي لابن حبيب الأندلسي (م: 238 ه)

3. الطب النبوي للحافظ الدينوري (م: 364 هـ)

4. الطب النبوي للحافظ الأصبهاني (م: 430 هـ)

5. طب النبي ﷺ للحافظ المستغفري (م: 432 ه)

6. الطب النبوي للحافظ ضياء الدين المقدسي (م: 643 ه)

7. الطب النبوي للحافظ الذهبي (م: 748 ه)

8. الشفا في الطب المسند عن السيد المصطفى للتيفاشي (م: 651 ه)

9. السير القوي في الطب النبوي للسخاوي (م: 920 ه)

10. المنهج السوي والمنهل الروي للسيوطي (م: 911 ه)

11. المنهل الروي في الطب النبوي لابن طولون الدمشقي (م: 953 ه)

12. الأحكام النبوية في الصناعة الطبية للحموي (م: 720 ه)

هل الطب النبوي والطب الحديث: فيه تكامل أم تعارض؟

يشهد العالم اليوم زيادة في الاهتمام بالطب النبوي كجزء من الطب التكميلي، كما يُظهر البحث العلمي توافقًا متزايدًا بين بعض التوصيات النبوية والاكتشافات الحديثة، وعلى سبيل المثال، أثبتت الدراسات الحديثة فوائد العسل والحبة السوداء والحجامة، مما يعزز من مكانة الطب النبوي كمكمل للعلوم الطبية؛ لذا، من الضروري أن ننظر في هذه المبادئ الصحية القيمة ونطبّقها في حياتنا اليومية من أجل الحفاظ على صحتنا والوقاية من الأمراض، إن الطب النبوي لا يقتصر على علاج الأمراض فحسب، بل يتعدّى ذلك ليكون نهجًا وقائيًا يعزز من حياة صحية ومتوازنة.

في الختام نقول: إن هدي النبي ﷺ في الطب وسائر شؤون الحياة هو هدي إلهيّ متيقَّن، قائم على الوحي وكمال العقل، ولا يُقاس بطب الأطباء الذي يعتمد على الحدس والتجربة.

وما لم يقبله القلب بالإيمان، والإذعان، واليقين ببركته وشفائه، قد لا تظهر ثمراته، فلنحرص على أن نستمد من هذا الهدي العظيم ما يصلح أجسادنا وأرواحنا، ونجعل من سنته منهج حياة نهتدي به في كل أمورنا، فهو أكمل الهدي، وأعظم الخير، فصلوات ربي وسلامه عليه عدد ما أحاط به علمه وجرى به قدره.

اللهم صلِّ على سيدنا محمَّد طِبِّ القلوب ودوائها وعافيةِ الأبدان وشفائِها ونورِ الأبصار وضيائها وعلى آله وصحبه وسلِّم(سعادة الدارين للإمام النبهاني: صـ 24).

ذهبت أناجي طبيب الوري*****وروحي تناجي إله السماء

فهذا الطبيب ليعطي الدوا*****وربي ليجعل فيه الشــــفاء

تعليقات



رمز الحماية