عنوان الكتاب: الجني في صورة الحية

ثم ذهبت فجاء الناس إليه وسألوه عمّا قالت له وقال لها، فقال: قالت لي: لقد اختبرت كثيراً من الأولياء فلم أرَ مثل ثباتك[1].

أيّها المسلمون! لم تكن هذه حيةً بل كانت جنّاً ولمّا اختبَر هذا الجني سيدَنا الإمام العارف بالله القطب الرباني عبد القادر الجيلاني رحمه الله تعالى لم يضطرب ولَم يتغير؛ لثقته بالله ولعظيم صدقه في تبليغ دين الله.

ولنتدبر هذا يا عشّاق الأولياء وأتباع خير الأنبياء صلّى الله عليه وسلّم! فكم من العبر العظيمة، والدرر النفيسة، ونستطيع أن نستنبط من هذه القصة، كم من الآداب والدروس الجليلة بإمكاننا أن نتعلّم من هذا الموقف العظيم الذي وقفه الشيخ رحمه الله تعالى كم وكم من الفوائد والعوائد، ولكنّ الغافل بالخسران دائماً عائد.

فليس يعتبر الغارق في الغفلات وليس يبصر من لا يرى سوى الشهوات وليس يتألم بالبعد عن الله، فينبغي عليه أن يفهم ويعي دروس هؤلاء الأكابر، ويعتبر بمواقفهم ويترك الملاهي، ومن هذه العبر الجليلة التي ترشد إلى أعظم دروس الفضيلة: أنّه ينبغي للمبلّغ لدين الله أن يتّصف بالشجاعة والصبر على المصائب وعلى أذى عباد الله، وأن يكون مبتغاه الله، ومقصده الله فلا يلتفت إلى خلقه بماذا


 



[1] "بهجة الأسرار ومعدن الأنوار"، صـ١٦٨.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

24