عنوان الكتاب: سمكة المدينة

أخي الحبيب:

لَيْتَ الْعَبْدَ يُنْفِقُ مِنْ أَمْوالِه في وُجُوهِ الْقُرُبَاتِ والطَّاعَاتِ كالْمَسَاجِدِ لِكَسْبِ الصَّدَقَةِ الْجَارِيَةِ، ومَنْ يُؤَمِّلُ أَنْ يَقُوْمَ أَوْلادُه عَنْهُ بعَمَلِ صدَقَةٍ جارِيَةٍ فقد أَخْطَأَ خَطَأً عَظِيْمًا، فإنَّا نَحْنُ نَرَى بَعْضَ النَّاسِ الْيَوْمَ يتَقَاتَلُوْنَ فِيْمَا بَيْنَهُمْ مِنْ أَجْلِ تَقْسِيْمِ الْمِيْرَاثِ، فكَيْفَ نُؤَمِّلُ أَنْ يَقُوْمُوْا بإِنفَاقِ الصَّدَقَاتِ، والْخَيْرَاتِ، فعَلَى كُلِّ واحِدٍ مِنَّا أَنْ يَحْرِصَ على التَّخَلُّقِ بالإيْثَارِ، فإنَّ ذلك يَنْفَعُهُ في الآخِرَةِ ولقد أَعْطَى السَّلَفُ الصَّالِحُ نَمَاذِجَ رائِعَةً عن الإيْثَارِ، فكانوا يَحْرِصُوْنَ عليه ويَجْتَهِدُوْنَ في تَقْدِيمِ الآخَرِيْنَ على أَنفُسِهِم فلقد نَقَلَ حُجَّةُ الإسْلاَمِ أَبُو حامِدٍ مُحَمّدُ بْنُ مُحَمّدٍ الْغَزَالِيُّ رحمه الله تعالى في إِحْياءِ عُلُومِ الدين: إنَّ بِشْرَ بْنَ الْحَارِثِ رحمه الله تعالى أَتَاهُ رَجُلٌ في مَرَضِه شَكَا إلَيْه الْحَاجَةَ، فلَمْ يَكُنْ عِنْدَ بِشْرٍ شَيءٌ فنَزَعَ قَمِيْصَهُ وأَعْطَاهُ إِيَّاهُ واسْتَعَارَ ثَوْبًا فمَاتَ فِيْه[1].

أخي الحبيب:

فَانْظُرْ إلى فِعْلِ السَّلَفِ الصَّالِحِ رحمهم الله تعالى كيف كانوا يَحْرِصُوْنَ على فِعْلِ أيِّ شيءٍ يَحْصُلُ مِنهُ الأَجْرُ والثوابُ، يقُوْلُ


 



[1] ذكره الغزالي (ت ٥٠٥هـ) في "إحياء علوم الدين"، ٣/٣١٩.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

37