عنوان الكتاب: فضائل رمضان

أخي الحبيب: أَرَأَيْتَ؟ أَنّ الله تعالى، إذا غَضِبَ على عبدٍ، عَذَّبَه باليسير، نسألُ اللهَ عزّ وجلّ أن يَرْحَمَنا ويَغْفِرَ لنا من غَيْرِ حِساب بِجَاهِ النبي الأمين صلّى الله تعالى عليه وآله وسلّم.

[٢]: كان سيدُنا الحارِثُ الْمُحَاسِبي رحمه الله تعالى، يقول: بَلَغَنا أنّه تابَ كَيّالٌ عن الكَيْل، وأَقْبَلَ على عِبَادَةِ ربِّه عزّ وجلّ، فلمّا مات رَآه بعضُ أَصحَابه في الْمَنام، فقالوا له: ما فَعَل اللهُ بِكَ يا فُلانُ؟ قال: أَحْصَى علَيَّ خَمسَةَ عَشَرَ قَفِيزاً، من أَنْواعِ الْحُبُوْب، التي كنتُ أَكْتَالُها، فقالوا له: كيف ذلك؟ قال: كنتُ أَغْفُل عن تَعَاهُد الكَيْل بالنَّقْصِ من الغُبار، فيتَرَاكَمُ في قَعْرِه التُّرَابُ، فكانت كُلُّ كَيْلَةٍ تَنْقُصُ بقَدْرِ ما في القَعْر من التُّرَاب[1].

[٣]: وكذلك وَقَعَ لشَخْصٍ، كان لا يَتَعاهَدُ المِيْزانَ بمَسْحِها من الغُبَار، فكان يُعَذَّبُ في قَبْره ويَسْمَعُ الناسُ صِيَاحَه في القبر، حتّى شَفَعَ فيه بَعضُ الصَّالحين رَحِمَهُم الله تعالى[2].

فلْيَأْخُذ الدُّرُوْسَ، والْعِبَر من هذه القصّةِ، مَنْ يُطَفِّفُ الْمِكْيَالَ وَالْمِيْزَان بالزِّيَادَةِ والنُّقْصَان فإنّ كَسْبَ الْحَرَام خَسَارَةٌ عظيمةٌ لا رِبْحَ فيه للعَبْد أبَداً، وقد يُصْرَفُ المالُ الْمُكْتَسَبُ من الحرام، في مُعَالَجةِ


 



[1] ذكره الشعراني في "تنبيه المغتَرِّين"، ومن أخلاقهم كثرة الخوف من الله تعالى أي يعذبهم على ما جنوه، صـ٥١.

[2] ذكره الشعراني في "تنبيه المغتَرِّين"، صـ٥١.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

59