عنوان الكتاب: قصيدة البردة مع شرحها عصيدة الشهدة

يمكن ان يرتب هاهنا قياس تعبيره هكذا الحسود مثل من في عينه رمد والايات مثل ضوء الشمس والتجاهل مثل الرمد، وكل من كان مثل من في عينه رمد ينكر من كان مثل ضوء الشمس مما هو مثل الرمد ينتج الحسود كان ينكر الايات من التجاهل، وقوله: ½وينكر¼ الواو عاطفة، والجملة معطوفة على جملة ½تنكر¼ الاولى، و½الفم¼ يقرا بتشديد الميم للضرورة، واصل ½فم¼ فوه على وزن ½سوط¼، فحذف الهاء تخفيفا لشبهها بحرف اللين فبقي الاسم على حرفين، فلم يروا ايقاع الاعراب عليه لئلا تثقل اللفظة فابدلوا من الواو ميما، فقالوا: فَمٌ لان مخرجهما من الشفة، والدليل على ان الاصل في فم الواو قولهم: ½تفوهت بكذا¼ و½رجل افوه¼، وقولهم في تصغيره: فويه؛ لانّ التصغير يرد الاشياء الى اصولها، وقوله: ½طعم¼ بالنصب مفعول ½ينكر¼، والطعم بمعنى اللذة، والماء اسم جنس يقع على القليل والكثير، و½من¼ منشئية متعلقة بـ½ينكر¼، و½السقم¼ المرض، ثم ان في هذا المصراع ايضا تشبيه الحسود بفم في صاحبه مرض في كونه مشتملا على ما يمنع على الوصول الى ما هو الحق فى الواقع، وتشبيه الايات بالماء اللذيذ في كونه سببا لحياة كل شيء، وتشبيه التجاهل بالسقم في كونه مورثا للاذى الى صاحبه وكونه مانعا من الوصول الى الحق، وفيه ايضا يمكن ترتيب قياس كالاول فتامل. ولا تكن من الحاسدين فان الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء.

 

١٠٥   يَا خيْر مَن يَّمَّمَ الْعَافُوْنَ سَاحته       سَعْيا وَفَوْقَ مُتوْنِ الايْنُقِ الرسُمِ

 

لَمَّا اشتغل بذكر معجزاته وبيان ما هو من اعظم اياته اعني به الكتاب الذي هو البحر البسيط والقران الذي هو اليَمُّ المحيط وبعد ذكر ذات المحبوب اشتاق الى تكرار بيان من هو المطلوب فاتى به مخاطبا بـ½يا¼ الدالة على الحضور لتحصيل العلم له من بيان اوصافه التي هي كالشمس في الظهور فقال: ½يا خير من يمم... الخ¼ كلمة ½يا¼ وضعت لنداء البعيد، وقد ينادى بها القريب تنزيلا له منزلة البعيد اما اجلالا له كما في قول الداعي: ياالله ويارب، وهو اقرب اليه من حبل الوريد استصغارا واستبعادا لها من محافل الزلفى، واما تنبيها على غفلته وسوء فهمه، وقد يقصد به التنبيه على انما يقصد امر خطير يعتني بشانه وما وقع هاهنا اما من قبيل الاول او الثالث فتامل. و½خير¼ اسم تفضيل


 




إنتقل إلى

عدد الصفحات

310