عنوان الكتاب: قصيدة البردة مع شرحها عصيدة الشهدة

لاخسِّ المقدمتين، و½استفق¼ امر من ½اسْتفَاقَ¼ بمعنى افاق، والسين للوجدان اي: كن مفيقا، و½يهم¼ من هام يهيم بمعنى تحير حذف ياؤه للجزم، وجملته جزاء لما قبله، ويرد عليه ايضا السؤال السابق، ويجاب عنه بما يجاب فيه فَتذكَّر. واختار الماضي في جزاء الشرط الاول لكونه محققا، واختار هاهنا المضارع لانّ ما في القلب مضمر، والاطلاع عليه متعذر، ثمّ انّ في هذا البيت من صنائع البديع جناسا شبيها بالمشتق بين الهِميان والهَيمان كما في قوله تعالى: ﴿ قَالَ انِّي لِعَمَلِكُم مِّنَ ٱلۡقَالِينَ ﴾ [الشعراء: ١٦٨] الاول من القول والثاني من القلي.

ثمّ اعلم انّ خاصّة الابيات الثلاثة انّه اذا كان عندك بهيمة لاتقبل التعليم فاكتب هذه الابيات الثلاثة في زُجاج، وامْحها بماء المطر، واسقاها للبهيمة، فانّها تتعلم وتذل لك، قال الاستاذ[1]: طول الله بقاءه جربته فوجدته صحيحا، وايضا اذا كتبت هذه الابيات الثلاثة في رق غزال، وعلقت على عضد مَن في لسانه ركَاكَة وضيق يتعلم باذن الله تعالى ويكون فصيحا.

 

٤   ايَحسَب الصَّب انَّ الْحب مُنْكَتمٌ         مَا بيْنَ مُنْسَجمٍ مِنْهُ وَمُضْطَرمِ

 

لمّا كان للناظم الفاهم حرص شديد على اثبات دعوى كون المحبة في قلب الشخص المخاطب لم يكتف بدليل واحد بل اتى على دعواه بدليل اخر، ولذا قال: ½ايحسب الصب... الخ¼ اي لو لم تكن محبتك ثابتة لَمَا كنت دائرا بين دمع منسجم وقلب مضطرم، لكن التالي باطل، والمقدم مثله، فثبت نقيضه، ثم ½الهمزة¼ للاستفهام الانكاري، وهو بمعنى النفي هاهنا كما كان في قوله:

ايَقْتلُنِيْ وَالْمَشْرفِيُّ مُضَاجعِيْ           وَمَسْنُوْنَةٌ زُرقٌ كَانْيَاب اغْوَالِ

و½يحسب¼ بالكسر والفتح من افعال القلوب، والحسبان: الظنّ، والمعنى: لا يظن العاشق كون المحبة منكتما لانّ الظنّ منهي عنه لكون بعضه اثما، لقوله تعالى: ﴿ٱجۡتنِبوا كَثيرا مِّنَ ٱلظَّنِّ انَّ بعۡضَ ٱلظَّنِّ اثۡمٞۖ﴾ [الحجرات: ١٢]، وفي ½يحسب¼ التفات من الخطاب الى الغَيبة على


 



[1] وهو العلامة الفهامة محمد بن عبد الله القيصري رحمه الله القوي كما مرّ في وجه تأليف هذا الشرح. [علمية]




إنتقل إلى

عدد الصفحات

310