عنوان الكتاب: صحيح البخاري المجلد الأول

بنفسه بين أظهر المسلمين، فقال سهيل: هذا يا محمد أول ما أقاضيك عليه أن ترده إلي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنا لم نقض الكتاب بعد). قال فوالله إذا لم أصالحك على شيء أبدا، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (فأجزه لي). قال: ما أنا بمجيزه لك، قال: (بلى فافعل). قال: ما أنا بفاعل، قال مكرز: بل قد أجزناه لك، قال أبو جندل: أي معشر المسلمين، أرد إلى المشركين وقد جئت مسلما، ألا ترون ما قد لقيت؟ وكان قد عذب عذابا شديدا في الله.

قال: فقال عمر بن الخطاب: فأتيت نبي الله صلى الله عليه وسلم فقلت: ألست نبي الله حقا؟ قال: (بلى). قلت: ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟ قال: (بلى). قلت: فلم نعطي الدنية في ديننا إذا؟ قال: (إني رسول الله، ولست أعصيه، وهو ناصري). قلت: أوليس كنت تحدثنا أنا سنأتي البيت فنطوف به؟ قال: (بلى، فأخبرتك أنا نأتيه العام). قال: قلت: لا، قال: (فإنك آتيه ومطوف به). قال: فأتيت أبا بكر فقلت: يا أبا بكر، أليس هذا نبي الله حقا، قال بلى، قلت: ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟ قال: بلى، قلت: فلم نعطي الدنية في ديننا إذا؟ قال: أيها الرجل، إنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس يعصي ربه، وهو ناصره، فاستمسك بغرزه، فوالله إنه على الحق؟ قلت: أليس كان يحدثنا أنا سنأتي البيت ونطوف به، قال: بلى، أفأخبرك أنك تأتيه العام؟ قلت: لا، قال: فإنك آتيه ومطوف به.

قال الزهري: قال عمر: فعملت لذلك أعمالا، قال: فلما فرغ من قضية الكتاب، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: (قوموا فانحروا ثم احلقوا). قال: فوالله ما قام منهم رجل حتى قال ذلك ثلاث مرات، فلما لم يقم منهم أحد دخل على أم سلمة، فذكر لها ما لقي من الناس، فقالت أم سلمة: يانبي الله، أتحب ذلك، اخرج لا تكلم أحدا منهم كلمة، حتى تنحر بدنك، وتدعو حالقك فيلحقك. فخرج فلم يكلم أحدا منهم حتى فعل ذلك، نحر بدنه، ودعا حالقه فحلقه، فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا وجعل بعضهم يحلق بعضا، حتى كاد بعضهم يقتل غما، ثم جاءه نسوة مؤمنات، فأنزل الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن - حتى بلغ - بعصم الكوافر}. فطلق عمر يومئذ امرأتين، كانتا له في الشرك، فتزوج إحداهما معاوية بن أبي سفيان، والأخرى صفوان بن أمية، ثم رجع النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة فجاءه أبو بصير، رجل من قريش وهو مسلم، فأرسلوا في طلبه رجلين، فقالوا: العهد الذي جعلت لنا، فدفعه إلى الرجلين، فخرجا به حتى إذا بلغا ذا الحليفة، فنزلوا يأكلون من تمر لهم، فقال أبو بصير لأحد الرجلين: والله إني لأرى سيفك هذا يا فلان جيدا، فاستله الآخر، فقال: أجل، والله إنه لجيد، لقد جربت به، ثم جربت، فقال أبو بصير: أرني أنظر إليه، فأمكنه منه، فضربه حتى برد، وفر الآخر حتى أتى المدينة، فدخل المسجد يعدو، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رآه: (لقد رأى هذا ذعرا). فلما انتهى إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: قتل والله صاحبي




إنتقل إلى

عدد الصفحات

1035