عنوان الكتاب: عجز الميت

نُفُوسَهُمْ وصُدُورَهُم كَقُدُورٍ تَغْلِيْ مِنْ تَجَلْجُلِ الْهَمِّ فِي أَرْكَانِهَا ، وعُيُونُهُم بِالدُّمُوعِ تَجْرِي وإِنْ جَفَّتِ الدُّمُوعُ جَادَتْ بِدِمَائِهَا لا يَهْدَأُ لَهُمْ بَالٌ وكَيْفَ وقَدْ عَلِمُوا أَنَّ الدَّيَّانَ هُوَ اللهُ فَانْظُرُوا إِلَى سَيِّدِنَا الْحَسَنِ الْبَصَرِيِّ رحمه الله أنَّهُ مَا ضَحِكَ أَرْبَعِينَ سَنَةً وإِذَا رُؤِيَ قاعِدًا كَأَنَّهُ أَسِيْرٌ قَدْ قَدِمَ لِتُضْرَبَ عُنُقُهُ وكانَ كَثِيْرَ الْخَوْفِ كَأَنَّهُ قَدْ قُضِيَ عَلَيْهِ بِالْمَوتِ. فَلْنَسْتَسْلِمْ لِمَا قَدْ قَضَاهُ الْحَقُّ تعالى عَلَى الْعِبَادِ بِأَنَّ كُلَّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوتِ وَلْنَسْتَعِدَّ لِهَذَا الْمَصِيْرِ وقالَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم مُخْبِرًا مِنْ حَالِ الْمَيِّتِ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ يَرَوْنَ مَكَانَهُ ويَسْمَعُونَ كَلامَهُ ومَا هُوَ عَلَيهِ لَذَهِلُوا عَنْ مَيِّتِهِمْ وَلَبَكَوْا عَلَى أَنْفُسِهِمْ ثُمَّ إِذَا حُمِلَ الْمَيِّتُ عَلَى النَّعْشِ رَفْرَفَتْ رُوحُهُ فَوْقَ النَّعْشِ وهِيَ تُنَادِي يَا أَهْلِي ! يَا أَوْلادِي ! لا تَلْعَبَنَّ بِكُمُ الدُّنْيا كَمَا لَعِبَتْ بِي جَمَعْتُ الْمَالَ مِنْ حِلِّهِ ومِنْ غَيْرِ حِلِّهِ فَالْمَهْنَأَةُ لَكُمْ وَالتَّبِعَةُ عَلَيَّ فَاحْذَرُوا مِثْلَ مَا حَلَّ بِي([1]).

 



([1]) ذكره شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد القرطبي (٦٧١هـ) في "التذكرة بأحوال الموتى وأمور الآخرة"، صـ٧٥، [المكتبة الشاملة].




إنتقل إلى

عدد الصفحات

24