عنوان الكتاب: المحاضرات الإسلامية (الجزء الأول)

أيّها المسلمون: انظُروا إلى هذه الحكاية كيف وَقَعَتْ هذه على أهل هذه الدّار وهم مع ذلك مُشتغِلون بزينة الدنيا ولذَّاتِها ومُنْهَمكون في شَهَواتِها، وهم مُتشاغِلون عن ذكرِ قبورِهم، ومُستَغرِقون في المعاصي والْخُمُور والملاهي والمِزْمارِ، ومُنْغَمِسون في اتِّخاذ البُيوت والقُصُور ولكن قد خَرَجَتْ أكفانُهم من عند القَصَّارِ، وهم غافلون عنها، فجاءَتْهم الآجالُ، وخَذَلَتْهم الآمال، فأَصبَحوا في ظُلُمات القبُور وأَصْبَحَتْ أَصواتُهم هامِدةً، خامِدةً من بعد طُولِ تَقَلُّبِها، وأَجسادُهم بالِيةً وديارُهم خالِيةً وآثارُهم عافِيةً، هذه الحكايةُ مَليئَةٌ بِالعِبرة والموعظة، فالعَجَبُ لمن يَعلَم أنّ الحياة الدنيا زائِلةٌ وفانِيةٌ ومَتاعُ الغُرور، فكيف يَنْكَبُّ عليها مع نسيانِ الموتِ نسيانًا كاملاً ؟ وهذا الخبرُ ممَّا يُنَبِّه على الْحَذَر من غرُور الدنيا وقد قال الله تعالى: ﴿$pkš‰r'¯»tƒ â¨$¨Z9$# ¨bÎ) y‰ôãur «!$# A,ym ( Ÿxsù ãNä3¯R§äós? äo4qu‹ysø9$# $u‹÷R‘‰9$# ( Ÿwur Nä3¯R§äótƒ «!$$Î/ â‘rátóø9$# [فاطر: ٣٥/٥]. وَاتَّخَذَ سيِّدنا نوحٌ عليه السلام بَيتًا من جِصٍّ، فقيل: لو بَنَيْتَ ما هو أحسَنُ مِن هذا، قال: هذا كثيرٌ لمن يَموت([1]).



 

([1]) "العقد الفريد" لأحمد بن محمد الأندلسي (ت ٣٢٨هـ)، كتاب الزمردة في المواعظ والزهد، قولهم في الموت، ٣/١٣٦.

 




إنتقل إلى

عدد الصفحات

269