عنوان الكتاب: سمكة المدينة

اِجْتَمَعَ عِنْدَ الشَّيْخِ أَبِي الْحَسَنِ الأَنْطَاكِيِّ رحمه اللهُ تعالى أَكْثَرُ مِنْ ثَلاَثِيْنَ رَجُلاً، ولَهُمْ أَرْغِفَةٌ قَلِيْلَةٌ لَمْ تُشْبِعْ جَمِيْعَهُمْ، فقَطَعُوْا الأَرْغِفَةَ قِطَعًا صَغِيْرَةً وأَطْفَئُوْا الْمِصْبَاحَ وجَلَسُوْا لِلطَّعَامِ، فلَمَّا رُفِعَتِ السُّفْرَةُ فإذَا الأَرْغِفَةُ بِحَالِها لَمْ يَنْقُصْ مِنْهَا شَيْءٌ ولَمْ يَأْكُلْ أَحَدٌ مِنْهُمْ شَيْئًا إِيْثَارًا لِصَاحِبِهِ على نَفْسِه[1].

لقد كانَتْ قُلُوْبُ السَّلَفِ الصَّالِحِ رحمهم الله تعالى مَمْلُوْءةً بالإيْثَارِ والكرَمِ ولكن يحْرِصُ كثيرٌ مِن الناسِ على تنَاوُلِ الطعامِ والشَّرَابِ في الْحَفَلاتِ والأَعْرَاسِ بِنَهَمٍ دُونَمَا حدٍّ يُقنِعُ النَّفسَ.

يَقُوْلُ سَيِّدُ الْكَائِنَاتِ محمد رسولُ الله صلّى الله تعالى عليه وآله وسلّم: «أَيُّمَا اِمْرِئٍ اِشْتَهَى شَهْوَةً، فرَدَّ شَهْوَتَهُ، وآثَرَ بها على نَفْسِه غَفَرَ اللهُ لَه»[2].

صلّوا على الحبيب!  صلّى الله تعالى على محمد

لَيْتَنَا نتَحَلَّى بالإيْثَارِ وليس التحلي به بالانفاق فحسب، بل وبدُوْنِ إِنْفَاقِ الْمَالِ، فالْمَجَالاَتُ الَّتِي فِيْها الإيْثَارُ كَثِيْرَةٌ، مِنْهَا:


 



[1] ذكره الحسيني الزبيدي في "إتحاف السادة المتقين"، ٩/٧٨٣.

[2] ذكره الحسيني (ت ١٢٠٥هـ) في "إتحاف السادة المتقين"، ٩/٧٧٩، والهندي (ت ٩٧٥هـ) في "كنز العمال"، الجزء الخامس عشر، ٨/٣٣٢، (٤٣١٠٥).

 




إنتقل إلى

عدد الصفحات

37