عنوان الكتاب: عين الدموع

كَذَبْتَ أنْتَ تَصْلُحُ لذلك، فقال: يا أميرَ الْمُؤْمِنين! قد حَكَمْتَ على نَفْسِكَ إنْ كنتُ كاذِبًا فكيف يَحِلُّ لكَ أنْ تُوَلِّيَ قاضِيًا كَذّابًا، فظنَّ المنصورُ ذلك تحقيرًا لنفْسِه وأَمَرَ به إلى الْحَبْسِ، فكان يُخْرَجُ كُلَّ يومٍ فيُضْرَبُ عَشَرَةَ أسْواطٍ، حتّى سالَ الدّمُ على عقِبَيْه، وفُعِلَ به ذلك على أنْ يَلِيَ القَضاءَ فلَمْ يَقْبَلْ، ثم هكذا ضُرِبَ إلى عَشَرَةِ أيّامٍ مِئةَ سَوْطٍ وعَشَرَةَ أسْواطٍ، في كُلِّ يومٍ عشَرَةَ أسْواطٍ، وغايةُ الأمْرِ أنّه رُفِعَ إليه قَدَحٌ فيه سُمٌّ ليَشْرَبَ؛ فعَرَفَه بفِراستِه الإيْمانِيّةِ وامْتنَعَ فطُرِحَ ثم صُبَّ في فيه قَهْرًا، ولما أَحَسَّ بالْمَوتِ سجَدَ فخَرَجَتْ نَفْسُه وهو ساجِدٌ، واسْتُشهِدَ سَنةَ ١٥٠ مِن الْهِجرَةِ[1]، وعِنْدَها بلَغَ ثَمانين سَنةً، وأصْبحَ ضَرِيْحُه في بَغْدادَ تُشَدُّ الرِّحالُ إليه إلى يَوْمِنا هذا.

صلّوا على الحبيب!  صلّى الله تعالى على محمد

بركات قبر الإمام الأعظم

ذكَرَ الشَّيْخُ شِهابُ الدِّينِ أحمدُ بنُ حَجَرٍ المكِّيُّ الشّافِعِيُّ رحمه الله تعالى في كتابِه المشهورِ "الخَيْرات الحِسان في مَناقِبِ


 



[1] "الخيرات الحسان"، صـ٨٨-٩٢, ملخصا.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

38