عنوان الكتاب: مختصر المعاني

(عَنِ الدُّنْيَا إِذَا عَنَّ) أي: ظهر (سُؤْدَدٌ *) أي: سيادة، وَلَوْ بَرَزَتْ فِيْ زَيِّ عَذْرَاءَ نَاهِدِ، الزيّ الهيئة، والعذراء البكر، والنهود ارتفاع الثدي (وقوله: وَلَسْتُ) بالضمّ[1] على أنه فعل المتكلّم بدليل ما قبله وهو قوله: وَإِنِّيْ لَصَبَّارٌ عَلَى مَا يَنُوْبُنِيْ * وَحَسْبُكَ أَنَّ اللهَ أَثْنَى عَلَى الصَّبْرِ (بِنَظَّارٍ[2] إِلَى جَانِبِ الْغِنَى * إِذَا كَانَتِ الْعَلْيَاءُ فِيْ جَانِبِ الْفَقْرِ) يصفه[3] بالميل إلى المعالي يعني أنّ السيادة مع التعب أحبّ إليه من الراحة مع الخمول، فهذا البيت إطناب بالنسبة إلى المصراع السابق (ويقرب منه) أي: من هذا القبيل[4] (قولُه تعالى: ﴿لَا يُسۡ‍َٔلُ عَمَّا يَفۡعَلُ وَهُمۡ يُسۡ‍َٔلُونَ﴾ [الأنبياء:٢٣]، وقولُ الحَماسِيّ: وَنُنْكِرُ إِنْ شِئْنَا عَلَى النَّاسِ قَوْلَهُمْ[5] *


 



[1] قوله: [بالضمّ إلخ] أي: بضمّ تاء ½لَسْتُ¼ على أنه فعل المتكلِّم, فهو مدح للنفس لا للغير كما في البيت السابق. قوله ½بدليل ما قبله إلخ¼ فإنّه يدلّ على أنّ الشاعر بصدد مدح نفسه.

[2] قال: [بِنَظَّارٍ] المبالغة راجعة إلى النفي دون المنفيّ أي: نظري إلى جانب الغنى منتف انتفاء مبالغاً فيه كما في قوله تعالى: ﴿وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّٰمٖ لِّلۡعَبِيدِ﴾ [حم السجدة:٤٦]. قال: ½إلى جانب الغنى¼ أي: إلى الراحة التي من أسبابها الغنى. قال: ½العلياء¼ أي: العزّ والرفعة. قال: ½في جانب الفقر¼ أي: في التعب الذي من أسبابه الفقر.

[3] قوله: [يصفه إلخ] أي: يصف الشاعر نفسه إلخ, وفيه أنّ الفاعل والمفعول ضميران لشيء واحد وجوازه من خواصّ أفعال القلوب لا يجوز في غيرها. قوله ½يعني أنّ السيادة إلخ¼ أي: لأنه يعني أنّ السيادة إلخ, وإنّما أتى بالعناية لأنه حمل الغنى على مسبَّبه وهو الراحة والفقرَ على مسبَّبه وهو التعب وهذا خلاف المتبادر. قوله ½مع الخمول¼ أي: مع عدم السيادة. قوله ½فهذا البيت إطناب إلخ¼ لأنّ حاصل معناهما واحد مع قلّة الحروف في المصراع وكثرتها في البيت فالبيت إطناب بالنسبة إلى المصراع والمصراع إيجاز بالنسبة إلى البيت.

[4] قوله: [أي: من هذا القبيل] وهو الإيجاز والإطناب باعتبار قلّة الحروف وكثرتها. قال تعالى: ﴿لَا يُسۡ‍َٔلُ عَمَّا يَفۡعَلُ﴾ أي: لا يسئل عن فعله سؤال إنكار بحيث يقال ½لما فعلت¼ أو لا يسئل عن علّة فعله الباعثة له عليه لعدم وجودها وإن كان قد يسئل سؤال استرشاد عن الحكمة والمصلحة المترتِّبة عليه. قال تعالى: ﴿وَهُمۡ يُسۡ‍َٔلُونَ أي: من جانبه تعالى سؤال إنكار إذ للمالك والخالق أن ينكر على مملوكه ومخلوقه ما شاء.

[5] قال: [قَوْلَهُمْ] أي: كلّ قول لهم ولو لم يظهر مُوجِب لإنكاره لنفاذ حكمنا فيهم وتمام رياستنا عليهم. قال: ½ولا ينكرون القول إلخ¼ أي: شيئاً من القول ولو كان لا يوافق أهواءهم, ولا يخفى ما في ختم فنّ المعاني بهذا البيت من الغرابة والابتداع والتورية بأنه أنكر القول على من شاء ولا سبيل لإنكار ما قال.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

471