عنوان الكتاب: مختصر المعاني

بسم اللّٰه الرحمن الرحيم

نحمدك[1] يا من شرح صدورنا[2] لتلخيص البيان في إيضاح المعاني، ونوّر قلوبنا[3] بلوامع التبيان من مطالع المثاني، ونصلّي[4] على نبيّك محمّد المؤيَّد دلائلُ إعجازه بأسرار البلاغة، وعلى آله وأصحابه الْمُحرِزين[5] قصباتِ السبْق في مِضْمار الفصاحة والبراعة.


 



بسم الله الرحمن الرحيم

[1]  قوله: [نحمدك] اختار الجملة الفعليّة المضارعيّة لإفادتها استمرارَ مضمونها مع التجدّد, والنون للمتكلم مع الغير والمراد بالغير إخوانه الحامدون, أدخلهم معه في الحمد لتعود بركة الحمد عليهم كما تقرء شيئاً وتهدي ثوابه إلى والديك فيحصل لك ولهم الثواب, فهو نزّل الشركة في الحمد منزلة الشركة في الثواب إقامة للسبب مقام المسبّب, وفي اختيار ضمير الخطاب إشارة إلى أنّ اللائق بالحامد أن يلاحظ المحمود مشاهداً ليكون حمده على وجه الإحسان المفسَّر بـ((أن تعبد الله كأنك تراه)).

[2]  قوله: [يا من شرح صدورنا] المراد بالشرح التهيئة لقبول العلوم والمعارف, والمراد بالصدور الأرواح القائمة بالقلوب التي محالّها الصدور ففيه مجاز بمرتبتين من إطلاق المحلّ على الحالّ, والبيان المنطق الفصيح المُعرِب عمّا في الضمير وتلخيصه تخليصه عن القصور في إفهام المراد, و½في إيضاح¼ متعلِّق بـ½تلخيص¼ أي: يا من علّمنا كيفية تلخيص البيان عند قصدنا إيضاح المعاني بذلك البيان.

[3]  قوله: [ونوّر قلوبنا] المراد بالقلوب النفوس, واللوامع جمع لامعة وهي الذات المضيئة كالنجوم, والتبيان الكلام الفصيح المقترن بدليل, وإضافة اللوامع للتبيان من إضافة المشبّه به للمشبّه, و½من مطالع المثاني¼ حال من التبيان أو صفة له؛ لأنّ الجارّ والمجرور الواقع بعد المعرّف باللام الجنسيّة يجوز فيه الأمران, و½مِنْ¼ للسببيّة, والمثاني القرآن, والمراد بالمطالع كلماته أي: نوّر نفوسنا بالتبيان الشبيه بالنجوم اللوامع في الاهتداء به كائناً ذلك التبيان بسبب التدبّر في كلمات القرآن.

[4]  قوله: [ونصلّي على نبيّك] النبي بالهمز من النبأ وهو الخبر لأنه مخبر عن الله تعالى بما بلّغه الملَك من الأحكام, أو من النبوة وهي الرفعة لارتفاع رتبته, و½محمّد¼ بدل أو عطف بيان منه, و½المؤيّد¼ من التأييد وهو التقوية وهو نعت لاسم الرسالة, و½دلائل إعجازه¼ أي: دلائل صدقه هي المعجزات, و½بأسرار البلاغة¼ متعلِّق بالمؤيّد أي: قويت دلائل صدقه بالأسرار المعتبرة في البلاغة, وبيان تأييدها بها أنّ القرآن مؤيَّد بأسرار البلاغة وهو مؤيِّد لبقيّة المعجزات فتكون الأسرار مؤيِّدة لبقيّة المعجزات.

[5]  قوله: [المُحرزِين] صفة الآل والأصحاب, من الإحراز وهو الضمّ والمراد هنا التحصيل, والقصبات جمع قصبة وهي سهم صغير يغرز في آخر الميدان يأخذه من سبق إليه أوّلاً والمراد بها هنا النكات الدقيقة, وإضافتها إلى السبق من إضافة الدالّ للمدلول أي: المحصّلين للمعاني الدقيقة الدالّة على سبقهم على غيرهم, و½في مضمار¼ صفة القصبات, والمضمار محلّ تسابق الفرسان بالخيل والمراد هنا الكلام البليغ من كلام الله تعالى ورسوله, وإضافة المضمار بمعنى الكلام البليغ للفصاحة والبراعة من حيث إنه يفيد أنّ الراكض فيه ذو فصاحة وبراعة, والبراعة هي التفوّق على الأقران في البلاغة وغيرها.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

471