عنوان الكتاب: مختصر المعاني

في هذا الخبر الصادق، وحينئذ لا يكون الكذب إلاّ بمعنى عدم المطابقة للواقع فليتأمّل لئلاّ يتوهّم أنّ هذا[1] اعتراف بكون الصدق والكذب راجعين إلى الاعتقاد (الجاحظ) أنكر[2] انحصار الخبر في الصدق والكذب وأثبت الواسطة وزعم أنّ صدق الخبر (مطابقته) للواقع (مع الاعتقاد) بأنه مطابق (و) كذب الخبر (عدمها) أي: عدم مطابقته للواقع (معه) أي: مع اعتقاد أنه غير مطابق (وغيرهما) أي: غير هذين القسمين[3] وهو أربعة أعني المطابقة مع اعتقاد عدم المطابقة، أو بدون الاعتقاد أصلاً، أو عدم المطابقة مع اعتقاد المطابقة، أو بدون الاعتقاد أصلاً (ليس بصدق ولا كذب) فكلٌّ من الصدق والكذب بتفسيره أخصّ منه بالتفسيرين السابقين؛ لأنه اعتبر في الصدق مطابقة الواقعِ والاعتقادِ جميعاً وفي الكذب عدم مطابقتهما جميعاً بناءً[4] على أن اعتقاد المطابقة   


 



[1]  قوله: [لئلاّ يتوهّم أنّ هذا] أي: قوله ½في زعمهم¼ اعتراف إلخ, وهذا علّة للتأمّل أي: تأمّل كلام المصـ واعرف حقيقة هذا الردّ الثالث خوفاً من أن تتوهّم أنّ هذا الثالث تأييد لصاحب القول المردود عليه.

[2]  قوله: [أنكر] أشار إلى أنّ ½الجاحظ¼ مبتدأ خبره محذوف. قوله ½أثبت الواسطة¼ من عطف المسبّب على السبب أو اللازم على الملزوم. قوله ½وزعم أنّ صدق الخبر¼ ظاهره أنّ قول المصـ ½مطابقته¼ خبر لـ½أنّ¼ المحذوفة مع اسمها, وفيه أنهم لم ينصوا على جوازه, إلاّ أنّ يقال هذا حلّ معنى لا حلّ إعراب.

[3]  قوله: [أي: غير هذين إلخ] إشارة إلى المرجع. قوله ½وهو¼ أي: الغير. قوله ½بتفسيره¼ أي: بتفسير الجاحظ. قوله ½أخصّ منه¼ أي: من نفسه. قوله ½بالتفسيرين¼ أي: بتفسيري الجمهور والنظام.

[4]  قوله: [بناءً إلخ] هذا جواب عمّا يقال إنّ الجاحظ إنما اعتبر في الصدق مطابقةَ الواقع واعتقادَ المطابقة كما قال المصـ لا مطابقةَ الواقعِ والاعتقادِ جميعاً كما يقول الشارح, وكذلك إنه إنما اعتبر في الكذب عدمَ مطابقة الواقع واعتقادَ عدم المطابقة كما قال المصـ لا عدمَ مطابقة الواقعِ والاعتقادِ جميعاً كما يقول الشارح, وحاصل الجواب أنّ الخبر إذا طابق الواقع واعتقد المُخبِر مطابقته له فقد توافق الواقع والاعتقاد فمطابق أحدهما مطابق للآخر, وكذا إذا كان الخبر غيرَ مطابق للواقع واعتقد المُخبِر عدم مطابقته له فقد توافق الواقع والاعتقاد, فالخبر إذا كان مطابقاً لأحدهما كان مطابقاً للآخر وإذا كان غير مطابق لأحدهما كان غير مطابق للآخر, فلا مخالفة بين ما نسبه المصـ إلى الجاحظ وبين ما نسبناه إليه لتلازمهما.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

471