عنوان الكتاب: أنوار المنّان في توحيد القرآن

كلام الله تعالى على وفق ما أشار إليه في خطبة الكتاب، ومحصولها أنّ لفظ المعنى يطلق تارة على مدلول اللفظ وأخرى على الأمر القائم بالغير فالشيخ الأشعري لمّا قال: الكلام هو المعنى النفسي فهِم الأصحاب منه أنّ مراده مدلول اللفظ وحده وهو القديم عنده، أمّا العبارات فإنّما تسمّى كلاماً مجازاً؛ لدلالتها على ما هو كلام حقيقي حتّى صرّحوا بأنّ الألفاظ حادثة على مذهبه أيضاً لكنّها ليست كلامه حقيقة وهذا الذي فهموه من كلام الشيخ، له لوازم كثيرة فاسدة كعدم إكفار من أنكر كلامية ما بين دفتي المصحف مع أنّه علم من الدين ضرورة كونه كلام الله حقيقة وكعدم المعارضة والتحدّي بكلام الله تعالى الحقيقي وكعدم كون المقروء والمحفوظ كلامه حقيقة إلى غير ذلك ممّا لا يخفى على المتفطّن في الأحكام الدينيّة فوجب حمل كلام الشيخ على أنّه أراد به المعنى الثاني فيكون الكلام النفسي عنده أمراً شاملاً للفظ والمعنى جميعاً قائماً بذات الله تعالى وهو مكتوب في المصاحف مقروء بالألسن محفوظ في الصدور وهو غير الكتابة والقراءة والحفظ الحادثة، وما يقال من أنّ الحروف والألفاظ مترتّبة متعاقبة فجوابه أنّ ذلك الترتّب إنّما هو في التلفّظ بسبب عدم مساعدة الآلة فالتلفّظ حادث والأدلّة الدالة على الحدوث يجب حملها على حدوثه دون حدوث الملفوظ جمعاً بين الأدلّة وهذا الذي ذكرناه وإن كان مخالفاً لما عليه متأخّرو أصحابنا إلاّ أنّه بعد التأمّل تعرف حقيقته, تمّ كلامه. وهذا المحمل لكلام الشيخ ممّا اختاره الشيخ محمد الشهرستاني في كتابه المسمّى بــ"نهاية الأقدام" ولا شبهة في أنّه أقرب إلى الأحكام الظاهريّة المنسوبة


 




إنتقل إلى

عدد الصفحات

84