عنوان الكتاب: مولد البرزنجي

الْجَبِيْنِ ذَا جَبْهَةٍ هِلَالِيَّةٍ، سَهْلَ الْخَدَّيْنِ يُرٰى فِيْ أَنْفِهِ بَعْضُ احْدِيْدَابٍ، حَسَنَ الْعِرْنِيْنِ أَقْنَاهُ بَعِيْدَ مَا بَيْنَ الْمَنْكَبَيْنِ، سَبْطَ الْكَفَّيْنِ[1]، ضَخْمَ الْكَرَادِيْسِ، قَلِيْلَ لَحْمِ الْعَقِبِ، كَثَّ اللِّحْيَةِ، عَظِيْمَ الرَّأْسِ، شَعْرُهُ إلَى الشَّحْمَةِ الْأُذُنِيِّةِ، وَبَيْنَ كَتِفَيْهِ خَاتَمُ النُّـبُوَّةِ قَدْ عَمَّهُ النُّوْرُ وَعَلَاهُ ۞ وَعَرَقُهُ كَاللُّؤْلُؤِ، وَعَرْفُهُ أَطْيَبُ مِنَ النَّفَحَاتِ الْمِسْكِيَّةِ، وَيَتَكَفَّأُ فِيْ مِشْيَتِهِ كَأَنَّمَا يَنْحَطُّ مِنْ صَبَبٍ اِرْتَقَاهُ ۞ وَكَانَ يُصَافِحُ الْمُصَافِحَ بِيَدِهِ الشَّرِيْفَةِ فَيَجِدُ مِنْهَا سَائِرَ الْيَوْمِ رَائِحَةً عَبْهَرِيَّةً، وَيَضَعُهَا عَلـٰى رَأْسِ الصَّبِيِّ فَيُعْرَفُ مَسُّهُ لَهُ مِنْ بَيْنِ الصِّبْيَةِ وَيُدْرَاهُ ۞ يَتَلَأْلَأُ وَجْهُهُ الشَّرِيْفُ تَلَأْلُؤَ الْقَمَرِ فِي اللَّيْلَةِ الْبَدْرِيَّةِ، يَقُوْلُ نَاعِتُهُ: لَمْ أَرَ قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَلَا بَشَرٌ يَرَاهُ ۞ وَكَانَ صَلَّى اللهُ تَعَالٰى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَدِيْدَ الْحَيَاءِ وَالتَّوَاضُعِ، يَخْصِفُ نَعْلَهُ، وَيَرْقَعُ ثَوْبَهُ، وَيَحْلِبُ شَاتَهُ، وَيَسِيْرُ فِيْ خِدْمَةِ أَهْلِهِ بِسِيْرَةٍ سَرِيَّةٍ, وَيُحِبُّ الْفُقَرَاءَ وَالْمَسَاكِيْنَ وَيَجْلِسُ مَعَهُمْ، وَيَعُوْدُ مَرْضَاهُمْ وَيُشَيِّعُ جَنَائِزَهُمْ، وَلَا يَحْقِرُ فَقِيْرًا أَدْقَعَهُ الْفَقْرُ وَأَشْوَاهُ ۞ وَيَقْبَلُ الْمَعْذِرَةَ، وَلَا يُقَابِلُ أَحَدًا بِمَا يَكْرَهُ، وَيَمْشِيْ مَعَ الْأَرْمَلَةِ وَذَوِي الْعُبُوْدِيَّةِ، وَلَا يَهَابُ الْمُلُوْكَ، وَيَغْضَبُ لِلهِ وَيَرْضٰى لِرِضَاهُ ۞ وَيَمْشِيْ خَلْفَ أَصْحَابِهِ وَيَقُوْلُ: ((خَلُّوْ ظَهْرِيْ لِلْمَلَائِكَةِ))[2] الرُّوْحَانِيَّةِ وَيَرْكَبُ الْبَعِيْرَ وَالْفَرَسَ وَالْبَغْلَةَ وَحِمَارًا بَعْضُ الْمُلُوْكِ إِلَيْهِ أَهْدَاهُ ۞ وَيَعْصِبُ عَلـٰى بَطْنِهِ الْحَجَرَ مِنَ الْجُوْعِ وَقَدْ أُوْتِيَ مَفَاتِيْحَ الْخَزَائِنِ الْأَرْضِيَّةِ وَرَاوَدَتْهُ الْجِبَالُ بِأَنْ تَكُوْنَ لَهُ ذَهَبًا فَأَبَاهُ ۞ وَكَانَ صَلَّى اللهُ تَعَالٰى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ


 



[1] في نسخة "عم" عن بعض النسخ: (بَسْطَ الْكَفَّيْنِ).

[2]أخرجه الدارمي في "سننه" (٤٥)، المقدّمة، باب ما أكرم به النبی... إلخ، ١/٣٧.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

24