عنوان الكتاب: نماذج من حياء السلف الصالح

سخيًّا، استشهد رضي الله عنه وعمره اثنتين وثمانين سنة، وكان صائمًا يتلو القرآن الكريم.

أيها الأحبّة! هذه لمحةٌ موجزةٌ مِن حياء صحابي للرسول ، فما بالنا بحياء النبيِّ الّذي ربّاهم بنفسه على الحياء! وقد رُوي عن سيّدنا أبي سعيدٍ الخدري رضي الله عنه قال: كان النَّبِيُّ أَشَدَّ حَيَاءً مِنَ العَذْرَاءِ فِي خِدْرِهَا، فَإِذَا رَأَى شَيْئًا يَكْرَهُهُ عَرَفْنَاهُ فِي وَجْهِهِ[1].

قال العلامة الملّا علي القاري رحمه الله تعالى في شرح هذا الحديث الشريف: إِنَّ الْعَذْرَاءَ إِذَا كَانَتْ فِي خِدْرِهَا أَشَدُّ حَيَاءً مِمَّا إِذَا كَانَتْ خَارِجَةً عَنْهُ، «فَإِذَا رَأَى شَيْئًا يَكْرَهُهُ» أَي: مِنْ جِهَةِ الطَّبْعِ أَوْ مِنْ طَرِيقِ الشَّرْعِ، «عَرَفْنَاهُ فِي وَجْهِهِ» أَي: مِنْ أَثَرِ التَّغَيُّرِ فَأَزَلْنَاهُ، فَإِنَّهُ مَا كَانَ يُعَايِنُ أَحَدًا بِخُصُوصِهِ فِي أَمْرِ الْكَرَاهَةِ دُونَ الْحُرْمَةِ.

وقال الإمام النووي رحمه الله تعالى في شرح الحديث السابق: مَعْنَاهُ: أَنَّهُ لَمْ يَتَكَلَّمْ بِالشَّيْءِ الَّذِي يُكْرَهُ لِحَيَائِهِ بَلْ يَتَغَيَّرُ وَجْهُهُ، فَنَفْهَمُ كَرَاهِيَتَهُ[2].

صلوا على الحبيب!          صلى الله على سيدنا محمد


 

 



[1] "صحيح البخاري"، كتاب الأدب، باب من لم يوجه الناس بالعتاب، ۴/۱۲۷، (۶۱۰۲).

[2] "مرقاة المفاتيح"، كتاب الفضائل، باب فضائل سيد المرسلين ، ۱۰/۷۹.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

34