لقد ذكر الإمام القشيري رحمه الله مثالًا للمراقبة في كتابه: "الرسالة القشيرية" فقال: سمعتُ بعض الفقراء يقول: كان أميرٌ لَهُ غلام يُقْبِلُ عَلَيهِ أَكثَر مِن إقباله عَلَى غيره مِن غلمانه، وَلَم يكن أكثرهم قيمة ولا أحسنهم صورة، فقالوا له في ذلك.
فأراد الأمير أَنْ يبيّن لَهُمْ فضلَ الغلام في الخدمة على غيره.
فيومًا من الأيّام كَانَ راكبًا ومعه الحشم (أي: خاصّته)، وبالبعد مِنهُم جبلٌ عَلَيهِ ثلجٌ، فنظر الأميرُ إِلَى ذَلِكَ الثلجِ وأطرق رأسَه.
فركض الغلامُ فرسَه، وَلَمْ يعلم الْقَومُ لِمَاذا ركض! فلم يلبث إلّا يسيرًا حَتَّى جاء ومعه شَيءٌ من الثلج.
فقال له الأمير: ما أدراك أنّي أردتُّ الثلج؟
فقال الغلام: لأنّك نَظَرْتَ إِلَيهِ، ونظر السلطان إِلَى شَيءٍ لا يَكُون عَن غَير قصد صحيح.
فقال الأمير: إِنَّمَا أخصّه بإكرامي وإقبالي؛ لأنّ لكلِّ أحدٍ شغلًا، وشغله مراعاة لحظاتي ومراقبة أحوالي[1].
أيّها الإخوة! هذه هي المراقبة، هي أنْ يكون العبدُ متوجِّهًا إلى ربّه تعالى في جميع الأحوال، سواء كان في البيت أو المنزل أو المسجد أو غيرها.
صلوا على الحبيب! صلى الله على سيدنا محمد