عنوان الكتاب: سمكة المدينة

مِنْكَ أَنْ تَشْتَرِي مِنْ هذَا الْبَزَّازِ، فإنّي بِعتُ وربحتُ اليومَ كَثِيْرًا -والحمد لله- ولَكِنْ هذا الْمِسْكِيْنُ لم يَبِع ويَربَح إلاَّ القَلِيْل، قالَ الشَّيْخُ ضِيَاءُ الدِّيْنِ الْمَدَنِيُّ رحمه الله تعالى: لقد كان كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْمُسْلِمِيْنَ الْقُدَمَاءِ يتَحَلَّى بالإيْثَارِ والإخْلاَصِ، وأما اليوم فأَنْتَ تَرَى سُوْءَ أَوْضَاعِ الْمُسْلِمِيْنَ، وهُمْ يَمُرُّوْنَ في ظُرُوْفٍ سَيِّئَةٍ.

وقِيْلَ: إِنَّ قافِلَةً مِنَ الْحُجَّاجِ إذَا سَلَّمَتْ عَلَى قُطَّاعِ طَرِيْقٍ لَمْ يَرُدُّوْا السَّلاَمَ علَيْها وإِنْ قالُوْا: «وعَلَيْكُمُ السَّلاَمُ» اِمْتَنَعُوْا عن نَهْبِها ولَمْ يُبَيِّتُوْا لَهَا شَرّاً أَوْ سُوْءًا.

أخي الحبيب:

لَيْسَ الْمُرَادُ مِنْ ذلك أَنَّه يَجُوْزُ النَّهْبُ لِقُطَّاعِ الطَّرِيْقِ إذا امتنعوا عن رَدِّ السَّلاَمِ ولكِنْ العِبْرَةُ أَنْ تَجْعَلَ مَنْ تُسَلِّم علَيْهِ يَسْلَمُ مِنْ أَذَاكَ وأَنْ تَجْعَلَهُ آمِنًا مُطْمَئِنًّا لا يَخَافُكَ، ومن الضَّرُوْرِيِّ أَنْ تَسْتَحْضِرَ نيَّةَ إِلْقَاء السَّلاَمِ على الْمُسْلِمِيْنَ ويَنْوِي الإنْسَانُ بالسَّلاَمِ أَنْ لا يَنَالَ مُؤْمِنًا في عِرْضِه ومَالِه، فإذَا سَلَّمَ عَلَى الْمُؤْمِنِ يَنْبَغِي أَنْ يَعْتَقِدَ أَنَّه يَحْرُمُ علَيْهِ تَنَاوُلُ عِرْضِهِ ومالِهِ[1].

صلّوا على الحبيب!  صلّى الله تعالى على محمد


 



[1] "الدر المختار" و"رد المحتار"، كتاب الحظر والإباحة، ٩/٦٨٢.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

37