أهمّ الأحداث الواردة في شهر رمضان وشوال وذي القعدة | محمد سليمان الباروي


نشرت: يوم السبت،15-أبريل-2023

أهمّ الأحداث الواردة في شهر رمضان وشوال وذي القعدة

إن دراسة الأحداث والوقائع الإسلامية لها فضل عظيم في حياة كل مسلم، فإنه يتعلم منها حب الإسلام وآدابه الرفيعة والأخلاق الحميدة وما إلى ذلك، ونظرا إلى أهمية هذه الأحداث وفوائدها العظيمة، فإننا نحاول أن نتدارس جزءا من أهم الأحداث الواردة في شهر رمضان وشوال وذي القعدة، فنسأل الله تعالى أن ينفعنا بها والمسلمين جميعا.

شهر رمضان الكريم

وفاة السيدة رقية رضي الله عنها:

هي سيدتنا رقية رضي الله عنها، أبوها سيد الخلق سيدنا محمد ﷺ، وأمها: السيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها، أسلمت مع أمها، وبايعت رسول الله ﷺ هي وأخواتها حين بايعته النساء، وتزوجها سيدنا عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه، وهاجرت معه إلى أرض الحبشة الهجرتين جميعا فقال عنهما رسول الله ﷺ: إنهما لأول من هاجر إلى الله تبارك وتعالى بعد لوط. وكانت رضي الله عنها في الهجرة الأولى قد أسقطت من سيدنا عثمان رضي الله تعالى عنه سقطا، ثم ولدت له بعد ذلك ابنا فسماه "عبد الله"، وكان سيدنا عثمان رضي الله تعالى عنه يكنى به في الإسلام، فلما بلغ السنتين نقره ديك في وجهه فطمر (أي: انتفخ وورم) وجهه فمات، ولم تلد له شيئا بعد ذلك، وهاجرت إلى المدينة بعد زوجها عثمان رضي الله تعالى عنه حين هاجر رسول الله ﷺ، ومرضت ورسول الله يتجهز إلى بدر، فخلف عليها رسول الله ﷺ سيدنا عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه ليمرضها، فتوفيت ورسول الله ﷺ ببدر، وكان ذلك في شهر رمضان، على رأس سبعة عشر شهرا من هجرة رسول الله ﷺ، وقدم سيدنا زيد بن حارثة رضي الله تعالى عنه من بدر بشيرًا، فدخل المدينة حين سوي التراب على السيدة رقية بنت رسول الله ﷺ

بدء صلاة التراويح جماعةً:

من العادات والطقوس الدينية والاجتماعية للمسلمين "صلاة التراويح" في شهر رمضان المبارك، وفي المـوطأ للإمام مالك رحمه الله تعالى:

أن الرسول ﷺ ‌صلى ‌في ‌المسجد في رمضان، فصلى بصلاته ناس، ثم صلى من القابلة، فكثر الناس، ثم اجتمعوا من الليلة الثالثة أو الرابعة، فلم يخرج إليهم، فلما أصبح قال: قد رأيت الذي صنعتم، ولم يمنعني من الخروج إليكم، إلا أني خشيت أن تفرض عليكم

فتوفّي رسول الله ﷺ وبقي الأمر على ذلك في خلافة سيدنا أبي بكر رضي الله تعالى عنه وفي صدر خلافة سيدنا عمر رضي الله تعالى عنه

فكان الصحابة رضي الله تعالى عنهم يصلونها جماعات وفرادى؛ حتى جمعهم سيدنا عمر رضي الله تعالى عنه على إمام واحد، روى الإمام البخاري عن سيدنا عبد الرحمن بن عبد القاري رضي الله تعالى عنه أنه قال: خرجت مع سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه ليلة في رمضان إلى المسجد، فإذا الناس أوزاع متفرقون، يصلي الرجل لنفسه، ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرهط، فقال سيدنا عمر رضي الله تعالى عنه: إني أرى لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل، ثم عزم فجمعهم على سيدنا أبي بن كعب رضي الله تعالى عنه، ثم خرجت معه ليلة أخرى والناس يصلون بصلاة قارئهم، فقال سيدنا عمر رضي الله تعالى عنه:

نعم البدعة هذه، والتي ينامون عنها أفضل من التي يقومون، يريد آخر الليل، وكان الناس يقومون أوله

في سنةِ أربع عشرة للهجرة النبويّة جمع سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه النّاس على سيدنا أبيّ بن كعب رضي الله تعالى عنه في التراويح وذلك في شهر رمضان من تلك السنة

فالتراويح سنة مؤكدة للرجال والنساء لمواظبة النبي ﷺ والخلفاء الراشدين عليها، وتسن فيها الجماعة، بدليل أن النبي ﷺ صلاها جماعة في رمضان في ليالي الثالث والخامس والسابع والعشرين، ثم لم يتابع خشية أن تفرض على المسلمين

شهر شوال

أول صلاة عيد:

في السنة الثانية من الهجرة النبوية خرج رسول الله ﷺ إلى المصلى فصلى بالصحابة رضي الله تعالى عنهم صلاة العيد، وكانت تلك أول خرجة خرجها بالناس إلى المصلى لصلاة العيد

وثبت بالتواتر أن رسول الله ﷺ كان يصلي صلاة العيدين، وأول عيد صلاه رسول الله ﷺ كان عيد الفطر في السنة الثانية من الهجرة، قال سيدنا ابن عباس رضي الله تعالى عنه: شهدت صلاة الفطر مع رسول الله ﷺ وأبي بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما، فكلهم يصليها قبل الخطبة(متفق عليه).، وكان النبي ﷺ والخلفاء بعده يداومون عليها، ولأنها من أعلام الدين الظاهرة.

قال السادة الحنفية رحمهم الله: تجب صلاة العيدين على من تجب عليه الجمعة بشرائطها الخاصة سوى الخطبة؛ فإن الخطبة بعد الصلاة سنة لمواظبة النبي ﷺ عليها.

وقال المالكية والشافعية رحمهم الله تعالى: هي سنة مؤكدة تلي الوتر في التأكيد، لمن تجب عليه الجمعة

غزوة بني قَيْنُقاع:

غزا رسول الله ﷺ بني قينقاع يوم السبت منتصف شوال على رأس عشرين شهرا من مهاجره ﷺ، وسبب ذلك أن رسول الله ﷺ لمـا انصرف من بدر وقف بسوق بني قينقاع في بعض الأيام فوعظهم وذكرهم ما يعرفون من أمره في كتابهم، وحذرهم مما أصاب قريشا من البطشة، فأساؤوا الرد فأنزل الله:

وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن ‌قَوۡمٍ ‌خِيَانَةٗ فَٱنۢبِذۡ إِلَيۡهِمۡ عَلَىٰ سَوَآءٍۚ

فسار إليهم رسول الله ﷺ بهذه الآية، وكانوا في طرف المدينة في سبعمئة مقاتل منهم ثلاثمئة دَارِعٍ، ولم يكن لهم زرع ولا نخل إنما كانوا تجارا وصاغة يعملون بأموالهم، فحصرهم خمس عشرة ليلة لا يكلم أحدا منهم، حتى نزلوا على حكمه فكتفهم ليقتلوا؛ فشفع فيهم عبد الله بن أبي بن سلول وألح في رغبته حتى حقن له رسول الله ﷺ دماءهم، ثم أمر بإجلائهم وأخذ ما كان لهم من سلاح وضياع، وأمر سيدنا عبادة بن الصامت فمضى بهم إلى ظاهر ديارهم ولحقوا بخيبر، وأخذ رسول الله ﷺ الخمس من الغنائم وهو أول خمس أخذه، ثم انصرف إلى المدينة وحضر الأضحى فصلى بالناس في الصحراء وذبح بيده الشريفة شاتين

شهر ذي القعدة

بيعة الرضوان:

بيعة الرضوان هي حادثة إسلامية عظيمة حدثت في شهر ذي القعدة من العام السادس للهجرة النبوية في منطقة الحديبية، فيومها أرسل رسول الله ﷺ سيدنا عثمان بن عفان ﷺ إلى قريش بمكة قبل كتابة الصلح ليبلغ بيوتات فيها أن الفتح قريب، فذهب فتلبثت (أي: تأخرت) عودته، فشاع بين الصحابة رضي الله تعالى عنهم أنه قتل، فدعاهم النبي ﷺ إلى البيعة فبايعوه تحت الشجرة، وأمسك الرسول ﷺ بيده وقال: وهذه عن عثمان. وهذا الموقف يبين المكانة الرفيعة لسيدنا عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه عند الله تعالى وعند حبيبه ﷺ، وهذه المواقف تحثنا على أن نتأدب مع جميع الصحابة والخلفاء والصالحين

كما يحثنا عليه مركز الدعوة الإسلامية بكل جهوده التي يبذلها من خلال النشاطات الدعوية والتوجيهية طوال العام بما لا يخفى على أحد. قال سيدنا جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنه: ‌

كنا ‌يوم ‌الحديبية 1400 رجل، فقال لنا رسول الله ﷺ: أنتم خير أهل الأرض

ونزل فيهم قول الله تعالى في كتابه الكريم:

لَّقَدۡ رَضِيَ ٱللَّهُ عَنِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ إِذۡ ‌يُبَايِعُونَكَ تَحۡتَ ٱلشَّجَرَةِ

زواج النبيّ ﷺ من السيدة ميمونة رضي الله تعالى عنها:

هي السيدة ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها، أمها: هند بنت عوف، كان مسعود بن عمرو بن عمير الثقفي قد تزوج ميمونة في الجاهلية، ثم فارقها فخلفه عليها أبو رهم بن عبد العزى، فتوفي عنها، فتزوجها رسول الله ﷺ، زوجه إياها العباس بن عبد المطلب، وكان يلي أمرها وهي ‌أخت ‌أم ‌الفضل ‌بنت ‌الحارث الهلالية لأبيها وأمها، وأعرس بها بسرف على عشرة أميال من مكة، وكانت آخر امرأة تزوجها رسول الله ﷺ وذلك سنة سبع في عمرة القضية

وقد ورد لها مناقب في بعض أحاديثه، منها ما رواه ابن عباس رضي الله عنهما قال:

قال رسول الله ﷺ: الأخوات ‌مؤمنات: ‌ميمونة زوج النبي ﷺ، وأختها أم الفضل بنت الحارث، وأختها سلمى بنت الحارث امرأة حمزة، وأسماء بنت عميس أختهن لأمهن

ففي هذا الحديث الشريف فضيلة لأم المؤمنين ميمونة رضي الله عنها، حيث شهد لها الحبيب ﷺ بالإيمان هي وأخواتها اللاتي ذكرن معها رضي الله تعالى عنهن.

خاتمة

فهذه بعض الأحداث التي وقعت في التاريخ الإسلاميّ، والجدير بنا أن ننتفعَ بها ونتأدبَ من خلالها ونتعمّقَ في تاريخ أمتنا المجيدة من خلالها، نسأل الله تعالى أن ينفعنا بها والمسلمين أجمعين، وأن يجعلنا ممّن يستمعون القول فيتّبعون أحسنه، إنّه وليّ ذلك والقادر عليه، وصلّى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلّم، والحمد لله ربّ العالمين.


#مركز_الدعوة_الاسلامية
#مركز_الدعوة_الإسلامية
#الدعوة_الإسلامية
#مجلة_نفحات_المدينة
#نفحات_المدينة

تعليقات



رمز الحماية