عنوان الكتاب: الوصيّة بالجار وبيان حقوقه في الإسلام

من بركات الجار الصالح

كان بالبصرة رجلٌ له مالٌ وثروةٌ، وكان في كلِّ سنةٍ يجمع النّاسَ في بيتِه ليلةَ عاشوراء، يقرؤون القرآنَ ويذكرون ويُهَلِّلُون ويسبّحون ويُحْيُونَ تلك الليلةَ بالقراءةِ والذكر، ويَمُدُّ لهم الطعامَ ويفتقد المساكين ويُحْسِنُ إلى الأرامل والأيتام.

وكان له جار عنده بنت مقعدة، فقالتْ لأبيها: يا أبت! ما بال جارنا يجمع الناسَ في كلِّ سنةٍ في هذه اللَّيلة ويحيونها بالقراءة والذكر؟

فقال لها: هذه ليلة عاشوراء ولها حرمةٌ عند الله وفضائل كثيرة، ثمّ نامُوا.

وسهرت الصبيةُ تسمع القرآنَ والذكر إلى وقت السحر، فلمَّا ختموا القرآنَ ودعوا رفعتْ رأسَها إلى السماء وقالتْ: سيدي ومولاي! بحرمةِ هذه اللَّيلَةِ عندك وبهؤلاء الأقوام الّذين باتُوا يتلون ذكرك يسهرون في طاعتك إلّا ما عافيتَنِي، ومسحتَ ضَرِّي وجبرتَ قلبي بعد كسري، فما استتمتِ الكلامَ إلّا وقد زالتْ عنها الأوجاعُ والأسقام، ونهضتْ قائمة على الأقدام، فلمّا نظر أبوها إلى قيامِها بعد ضَرِّها وسَقامِها قال: يا بنيّة! من كشف عنكِ هذه الغمّةَ والبليّة؟

قالت: الذي جاد لي بالرحمة ولا يبخل بالنعمة، يا أبتِ! إنّي توسَّلْتُ بهذه اللّيلَةِ إلى سيّدي فأزال ضرري وعافى جسدي[1].


 

 



[1] "الروض الفائق"، المجلس الثاني والأربعون في فضائل...إلخ، ص ٢٣٦.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

30