عنوان الكتاب: جد الممتار على رد المحتار (المجلد الأول)

هاجت وأتت بلآليها واضعة بين قدميه واليوم يرى الإنسان هذا العالم كلّه كأنّه مسخّر تحت يديه يحكم عليه ويتصرّف فيه كيف يشاء.

هذا كلّه  لكن مع الأسف  أنّ الإنسان قد فقد عواطفه الإنسانية النبيلة وأحاسيسه الكريمة وذبلت نبتة الروح في قلبه وصار قلبه شقيّاً متخشناً جافّاً متحجراً كأنّه أشدّ قسوة من الحجارة لا يضطرب ولا يتألم بتألّم أخيه.

إنّه فقد كلّ شيء من معاني الأخلاق الفاضلة ومفاهيمها وحرم من أقدار الإنسانية العليا وقيمه المثلي وهو يرى علمه وعمله ومآثره وخدماته بنظرته المادية المحضة ليجلب منفعة أو يدفع مضرةً أو يملك سمعةً ويدوم في دفّتَي التأريخ باقياً خالداً على كرّ الأيام ومرّ الدهور. هذه هي فكرة عامة تتدفق بين جنبيه وتسري هذه الروح في شرايـينه وتدور عليها رحى حياته وأفكاره ومنجزاته ولا يخلص لشيء وإن يخلص فلوطنه وأسرته وبلاده ولغته وثقافته وحضارته وتراثه الماضي وإلى ما يتعلّق إليه فقط.

قد ابتعدت منه ثروة الروح والقلب والشعور والوجدان ونعمة العقيدة والإيمان وإنّه قد تلطخ بأوحال الكفر والعصيان مغترّاً بحياته الفانية معتمداً على مصنوعاته القاهرة واثقاً بطلوع شمسه الآفلة متوكلاً على عقله العاجز وقريحته التائهة والمادة الضالة الهالكة التي تاه في متاهاتها الأوّلون ويحذو حذوهم الآخرون.

يتورط الجيل الناشي في غياهب ظلمات الإلحاد والمادية، وعمّ فيه الفساد الخُلقي والروحي وتزلزل حبل حياته بين المجتمع البشري في


 




إنتقل إلى

عدد الصفحات

568