عنوان الكتاب: نفحات ليلة القدر

من هو المحروم حقاً:

عن سيدِنَا أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله تعالى عنه قال: دَخَلَ رَمَضانُ، فقال رسولُ الله صلّى الله تعالى عليه وآله وسلّم: «إنّ هذا الشَّهْرَ قد حَضَرَكُم، وفيه لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، مَن حُرِمَهَا فقد حُرِمَ الْخَيْرَ كُلَّهُ، ولا يُحْرَمُ خَيْرَهَا، إلاّ مَحْرُوْمٌ»[1].

يَقُوْلُ سيدُنا كَعْبُ الأَحْبَارِ رضي الله تعالى عنه: «كان مَلِكٌ في بَنِي إِسْرَائِيْلَ، فعَلَ خَصْلَةً وَاحِدَةً، فأَوْحَى اللهُ إلى نَبِيِّ زَمَانِهم: قُلْ لِفُلاَنٍ يَتَمَنَّى، فقال: يا رَبِّ، أَتَمَنَّى أَنْ أُجَاهِدَ بِمَالِي ووَلَدِي، ونَفْسِي، فرَزَقَه اللهُ أَلْفَ وَلَدٍ فكَانَ يُجَهِّزُ الوَلَدَ بِمَالِه في عَسْكَرٍ ويُخْرِجُه مُجَاهِدًا في سبيلِ الله تعالى، فيَقُوْمُ شَهْرًا، ويُقْتَلُ ذلك الوَلَدُ، ثم يُجَهِّزُ آخَرَ في عَسْكَرٍ، فكان كُلُّ وَلَدٍ يُقْتَلُ في الشَّهْرِ، والْمَلِكُ مع ذلك قَائِمُ اللَّيْلِ، صَائِمُ النَّهَارِ، فقُتِلَ الأَلْف وَلَد في أَلْفِ شَهْرٍ، ثُمَّ تَقَدَّمَ، فقَاتَلَ، فقُتِلَ، فقال النَّاسُ: لا أَحَدٌ يُدْرِكُ مَنْـزِلَةَ هذا الْمَلِكِ، فأَنْزَلَ اللهُ تعالى:

﴿لَيۡلَةُ ٱلۡقَدۡرِ خَيۡرٞ مِّنۡ أَلۡفِ شَهۡرٖ﴾ [القدر: ٩٧/٣].

أيْ: من شُهُوْرِ ذلك الْمَلِكِ في القِيَامِ والصِّيَامِ والجِهَادِ بالْمَالِ والنَّفْسِ، والأَوْلاَدِ في سبيلِ الله تعالى[2].


 



[1] أخرجه ابن ماجه في "سننه"، كتاب الصيام، باب ما جاء في فضل شهر رمضان، ٢/٢٩٨، (١٦٤٤).

[2] ذكره القرطبي  (ت٦٧١هـ) في "الجامع لأحكام القرآن"، الجزء العشرون، ١٠/٩٣.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

30