مدونات مختارة
الأكثر شهرة
من أهمّ الأحداث الواردة في شهر ذي الحجة ومحرم وصفر | أبو جواد محمد سليمان الباروي
شهد شهر ذي الحجة ومحرم وصفر العديد من الأحداث والوقائع الإسلامية المهمة، وسنحاول في هذا المقال أن نتذاكر أبرزها، سائلين المولى سبحانه وتعالى أن يوفقنا للاستفادة منها بالعلم والعمل بها:
*شهر ذي الحجة*
ولادة سيدنا إبراهيم بن رسول الله ﷺ
روي عن سيدنا قتادة رضي الله عنه قال: كان المقوقس صاحب الإسكندرية ومصر بعث بمارية القبطية إلى النبي ﷺ فولدت له إبراهيم رضي الله تعالى عنه.
وقال أبو عبد الله حكاية عن مصعب بن عبد الله الزبيري رضي الله تعالى عنه، قال: كان مولد إبراهيمَ بنِ رسول الله ﷺ في ذي الحجة سنة ثمانٍ من الهجرة.
وعن المؤرخ العظيم الواقدي: أن إبراهيم بن رسول الله ﷺ: مات يوم الثلاثاء لعشرِ ليالٍ خلون من ربيع الأول سنة عشرٍ، ودفن بالبقيع، كان وفاته في بني مازن عند أم بردة بنت المنذر، من بني النجار ومات وهو ابن ثمانيةَ عشَرَ شهرًا.
عن سيدنا أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال:
قال رسول الله ﷺ ولد لي الليلة "غلام" فسمّيته باسم "أبي إبراهيم" ثم دفعه إلى "أم سيف" امرأة قين يقال له "أبو سيف" فانطلق يأتيه واتبعته، فانتهينا إلى "أبي سيف" وهو ينفخ بكيره قد امتلأ البيت دخّانًا فأسرعت المشي بين يدي رسول الله ﷺ فقلت: يا أبا سيف! أمسِك جاء رسول الله ﷺ فأمسك فدعا النبي ﷺ بالصبي فضمّه إليه وقال: ما شاء الله أن يقول فقال أنس رضي الله تعالى عنه: لقد رأيته وهو يكيد(يجود بها.) بنفسه بين يدي رسول الله ﷺ فدمعت عينا رسول الله ﷺ فقال تدمع العين ويحزن القلب ولا نقول إلا ما يرضى ربنا والله يا إبراهيم! إنا بك لمحزونون
عن سيدنا البراء بن عازب رضي الله عنه، قال: لما توفي سيدنا إبراهيم رضي الله تعالى عنه قال رسول الله ﷺ:
"إن له مرضعا يتمّ رضاعه في الجنة"
بيعة العقبة الثانية
عندما رجع سيدنا مصعب بن عمير رضي الله عنه إلى مكة المكرمة في موسم الحج، وكان معه بضع وسبعون مسلمًا من المدينة وبينهم امرأتان، والتقوا برسول الله ﷺ في العقبة بعد مضي ثلث الليل، ومعه عمه العباس بن عبد المطلب، وقالوا يا رسول الله: خذ منا لنفسك ولربّك ما أحببت.. فتكلم رسول الله ﷺ، فتلا القرآن ودعا إلى الله ورغّب في الإسلام ثم قال: «أبايعكم على أن تمنعوني مما تمنعون منه نساءكم وأبناءكم»، ثم قال: "أخرجوا إليّ منكم اثني عشَرَ نقيبًا يكونون على قومهم". فأخرجوا منهم اثني عشَرَ نقيبًا، منهم تسعة من الخزرج وثلاثة من الأوس، اعتبروا نقباء أي ممثلين لسبعين وكل من يدخل الدين من بعدهم، ثم قال لهم: ارفعوا إلى رحالكم. ويقول "كعب بن مالك" ورجعنا إلى مضاجعنا.
وعن سيدنا جابر رضي الله عنه قال:
قلنا: يا رسول الله، علامَ نبايعك؟ قال: تبايعوني على السمع والطاعة في النشاط، والكسل، وعلى النفقة في العسر، واليسر وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعلى أن تقولوا في الله لا تأخذكم فيه لومة لائم، وعلى أن تنصروني إذا قدمت يثرب، فتمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم وأزواجكم وأبناءكم ولكم الجنة، فقمنا نبايعه
*شهر محرم الحرام*
وفاة مارية القطبية أم إبراهيم بن رسول الله ﷺ
هي السيدة مارية بنت شمعون أم ولده إبراهيم، أهداها له المقوقس القبطي صاحب مصر والإسكندرية سنة سبع من الهجرة، وبعث معها أختها سيرين بنت شمعون، وألف مثقالِ ذهبٍ وعشرين ثوبًا من قباطي مصر وبغلة شهباء وحمارًا أشهب وهو الذي يقال له: يعفور، وكانت مارية بيضاءَ جميلة أنزلها رسول الله ﷺ بالعالية، وكان يختلف إليها إلى أن ماتت في المحرم سنة عشر. وروى البزار بسند جيد عن سيدنا أنس رضي الله عنه قال: لما ولد إبراهيم ابن رسول الله ﷺ من مارية جاريته وقع في نفس النبي منه شيء حتى أتاه جبريل عليه السلام فقال: السلام عليك يا أبا إبراهيم، ووهب أختها سيرين بنت شمعون لحسانَ بنِ ثابت رضي الله عنه، فهي أم عبد الرحمن بن حسان الشاعر، وكان عبد الرحمن يفخر بأنه ابن خالة إبراهيم بنِ رسول الله ﷺ، وقد روت سيرين عن النبي ﷺ حديثا قالت: رأى رسول الله ﷺ خللا في قبر ابنه إبراهيم فأصلحه وقال: "إنّ الله يحب من العبد إذا عمل عملًا أن يتقنه"
قصة أصحاب الفيل
قصة أصحاب الفيل التي وقعت في العام الذي ولد فيه رسول الله ﷺ وكان قدوم أصحاب الفيل قبل ذلك للنصف من المحرم، وهذه القصة مشهورة وقد ورد ذكرها في الكتاب والسنة: قال تعالى:
أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ
قال ابن كثير: هذه من النعم التي امتن الله بها على قريش فيما صرف عنهم من أصحاب الفيل الذين كانوا قد عزموا على هدم الكعبة ومحوِ أثرها من الوجود، فأبادهم الله وأرغم آنافهم وخيب سعيهم وأضل عملهم، وردهم بشرِّ خيبة، وكانوا قومًا نصارى، وكان دينهم إذ ذاك أقربَ حالاً مما كان عليه قريش من عبادة الأصنام، ولكن كان هذا من باب الإرهاص والتوطئة لمبعث رسول الله ﷺ، فإنه في ذلك العام ولد على أشهر الأقوال. ولكن الله لم ينصر قريشًا على الحبشة لخيرتهم عليهم بل صيانةً للبيت العتيق الذي شرفه الله وعظمه ووقره ببعثة خاتم الأنبياء محمد ﷺ
وقد جاءت الأحاديث عن رسول الله ﷺ تشير إلى قصة الفيل، منها ما قاله ﷺ:
فضل الله قريًشا بسبع خصال: 1 - فضلهم بأن عبدوا الله عشر سنين لا يعبده إلا قرشيٌ. 2 - وفضلهم بأن نصرهم يوم الفيل وهم مشركون. 3 - وفضلهم بأن نزلت فيهم سورة من القرآن لم يُدخل فيهم غيرهم (لإيلاف قريش)، 4 - وفضلهم بأن فيهم النبوة. 5 - والخلافة. 6 - والحجابة. 7 - والسقاية". الشاهد: أنه نصرهم سبحانه وتعالى على أصحاب الفيل وهم مشركون
*شهر صفر المظفر*
زواج سيدنا عليٍّ بسيدتنا فاطمة رضي الله عنهما بنت رسول الله ﷺ
تزوّج سيّدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه سيّدتنا فاطمة رضي الله عنها في صفر لليالٍ بقين منه في السنة الثانية من الهجرة، وبنى بها في ذي الحجة، وكانت السيدةُ فاطمة رضي الله عنها يوم بنى بها بنتَ ثمان عشرة سنة، وأهديت في بردين وعليها دملوجان من فضة، وكان معها حميلة ومرفقة من أدم حشوها ليف، ومنخل، وقدح، ورحى، وجرتان.
عن عبد الكريم عن أبيه رحمهما الله قال: أتى عليّ كرّم الله وجهه رسولَ الله ﷺ فسلّم عليه، فقال: ما حاجة ابن أبي طالب؟ قال: ذكرت فاطمة بنت رسول الله محمّد ﷺ.
قال: "مرحبا وأهلا" لم يزده عليها.
فخرج علي على رجال من الأنصار فقالوا: ما وراءك؟ قال: ما أدري غير أنه قال لي مرحبا وأهلا. قال: يكفيك من رسول الله ﷺ إحداهما، أعطاك الأهل وأعطاك المرحب.
فلما كان بعد أن زوّجه قال: يا علي إنه لا بد للعروس من وليمة.
فقال سعد رضي الله عنه: عندي كبشان، وجمع له رهطٌ من الأنصار آصُعًا من ذرة، فلما كان ليلة البناء قال: "لا تحدث شيئا حتى تلقاني".
فدعا رسول الله ﷺ بإناء فتوضأ فيه، ثمّ أفرغه على علي ثم قال: "اللهمّ بارك فيهما، وبارك عليهما، وبارك لهما في نسلهما"
أوّل غزوة في الإسلام
وفي السنة الثانية من الهجرة كانت غزاةُ الأبواء، وهي أول غزاة غزاها رسول الله ﷺ بنفسه، واستخلف على المدينة المنورة سعدَ بن عبادة رضي الله عنه، وحمل لواءَه سيدنا حمزةُ بن عبد المطلب رضي الله عنه وكان أبيض وخرج في المهاجرين ليس فيهم أنصاريّ حتى بلغ "الأبواء"، يعترض لعير قريش حتى بلغ "ودان" - ولذلك يقال لها: أيضًا غزاة "ودان" - ولم يلق كيدا، فوداع مخشي بن عمرو الضمري وهو سيد بني ضمرة على أن لا يغزو بني ضمرة ولا يَغْزونه، ولا يعينوا عليه، فكتب بذلك بينهم وبينه كتابًا وضمرة من بني كنانة ثم انصرف رسول الله ﷺ وكانت غيبته خمس عشرة ليلة
خاتمة
ولا زالتِ السيرة النبوية والمسيرة الإسلامية تمدُّ الأيام بالفخر والإباء، وتسطر المجد في صفحات الخلود، فنسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا للتعلم من هذه الأحداث العظيمة التي تعطينا درسًا عظيمًا من القرآن والسنة والدعوة إلى الله تعالى وخدمة علم الدين، ويجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله تعالى على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم والحمد لله رب العالمين.
#مركز_الدعوة_الاسلامية
#مركز_الدعوة_الإسلامية
#الدعوة_الإسلامية
#مجلة_نفحات_المدينة
#نفحات_المدينة
تعليقات