عنوان الكتاب: المطول مع حاشية المؤول

ولمّا كان من الأحوال[1] ما لا يختصّ مفرداً ولا جملةً بل يجري فيهما وكان له شيوع وتفاريع كثيرة جُعِل باباً سابعاً, وهذه كلّها أحوال يشترك فيها الخبر والإنشاء, ولمّا كان ههنا أبحاث[2] راجعة إلى الإنشاء خاصّةً جُعِل الإنشاء باباً ثامناً فانحصر في ثمانية أبواب (تنبيه) وَسَم[3] هذا البحث بـ التنبيه لأنه قد سبق منه ذكر مّا في قوله: تطابقه أو لا تطابقه وقد عُلِم أنّ الخبر[4] كلام يكون لنسبته خارج في أحد الأزمنة الثلاثة تطابقه أو لا تطابقه, فالخبر على هذا المعنى[5] الكلامُ المُخبَر به كما في قولهم: الخبر هو الكلام المحتمِل


 



[1] قوله: [ولمّا كان من الأحوال إلخ] هذا توجيه لإفراد الإيجاز ومقابلَيه وجعله باباً برأسه.

[2] قوله: [ولمّا كان ههنا أبحاث إلخ] هذا توجيه لإفراد الإنشاء وجعله باباً برأسه.

[3] قوله: [وَسَم إلخ] من وَسَمه وَسْماً وسِمةً إذا أثر فيه بسِمة, وهذا إشارة إلى وجه تسمية هذا البحث بالتنبيه, وبيانه أنّ التنبيه في اللغة الإيقاظ وفي الاصطلاح اسم للكلام اللاحق المُفصَّل أشير إليه فيما سبق إجمالاً وههنا كذلك لأنه قد سبق من التنبيه ذكرٌ إجمالِيٌّ في قوله تطابقه أو لا تطابقه لأنه يُفهَم منه أنّ الخبر منحصر في المطابقة واللامطابقة, والفهم ينساق إلى أنّ الأوّل صدق والثاني كذب, فالمذكور ههنا لاستحضار المعلوم لا لتحصيل المجهول فيكون تنبيهاً لإزالة الغفلة.

[4] قوله: [وقد عُلِم أنّ الخبر إلخ] هذه المقدِّمة إشارة إلى دفع لزوم الدور في تعريف المصـ للصدق بقوله مطابقته للواقع حيث أخذ الخبر في تعريف الصدق مع أنّ الصدق مأخوذ في تعريف الخبر لأنه الكلام المحتمِل للصدق والكذب, وحاصل الدفع أنه قد عُلِم ممّا مرّ في وجه الانحصار الخبرُ بوجهٍ لا يتوقّف على معرفة الصدق وهو أنّ الخبر كلام يكون لنسبته خارج إلخ فلا دور.

[5] قوله: [فالخبر على هذا المعنى إلخ] إشارةٌ إلى أنّ الخبر المعرَّف في تعريف المصـ له بقوله: كلام يكون لنسبته خارج إلخ وفي تعريف القوم له بقولهم: الخبر هو الكلام إلخ بمعنى الكلام المُخبَر به, وأمّا الخبر الواقع في تعريف الصدق بقولهم: الصدق هو الخبر إلخ فهو بمعنى الإخبار فلا دور في تعريفه ولا في تعريفهم لاختلاف الموقوف والموقوف عليه, وهذا ردٌّ على السكّاكي حيث أبطل تعريف القوم للخبر بقولهم: الكلام المحتمِل للصدق والكذب بأنه دوريّ حيث عرّفوا الصدقَ بـالخبر عن الشيء على ما هو به والكذبَ بـالخبر عن الشيء لا على ما هو به فتكون معرفة الخبر موقوفة على معرفة الصدق والكذب ومعرفتهما موقوفة على معرفته, وحاصل الردّ أنّ لزوم الدور مبنيّ على مقدِّمتين إحداهما اتّحاد الخبر في التعريفين, والثانية اتّحاد الصدق والكذب فيهما, وكلٌّ واحدة من المقدِّمتين ممنوعة, أشار إلى منع المقدِّمة الأولى بما مرّ وأشار إلى منع الثانية بقوله الآتي: وأيضاً الصدق والكذب إلخ.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

400