عنوان الكتاب: المطول مع حاشية المؤول

صاحب "الكشّاف" في قوله تعالى: ﴿وَجَعَلُواْ لِلَّهِ شُرَكَآءَ ٱلۡجِنَّ﴾ [الأنعام:١٠٠] أنّ لله [1] و شُرَكَاءَ مفعولاَ جَعَلُوْا و الْجِنَّ بدل من شُرَكَاءَ , ومعلوم أنه لا معنى لقولنا: وجعلوا لله الجنّ , بل لا يبعد[2] أن يقال: الأولى أنه بدل لأنه المقصود بالنسبة إذ النهي إنّما هو عن اتّخاذ الاثنين من الإله على ما مرّ تقريره (وأمّا الإبدال منه) أي: من المسند إليه[3] وفي هذا إشعار بأنّ المسند إليه إنّما هو المُبدَل منه, وهذا بالنظر إلى الظاهر حيث يجعلون الفاعل في جاءني أخوك زيد هو أخوك وإلاّ فالمسند إليه في التحقيق هو البدَل, وفي لفظ "المفتاح" إيماء إلى ذلك (فلزيادة التقرير نحو: جاءني أخوك زيد ) في بدَل الكُلّ[4] وهو الذي يكون ذاته عينَ ذات المُبدَل منه وإن كان مفهوماهما متغايرَين[5] (و جاءني القوم


 



[1] قوله: [أنّ لله إلخ] ويجوز أن يكون شُرَكَاءَ والْجِنَّ مفعولاَ جَعَلُوْا ولله متعلِّقاً بـشُرَكَاءَ.

[2] قوله: [بل لا يبعد إلخ] ترقٍّ على ما يستفاد من الكلام السابق وهو إمكان كون اثنَين وواحد بدلاً. قوله لأنه إلخ أي: لأنّ اثنَين وواحد هو المقصود بالنسبة كما هو الشأن في البدل. قوله عن اتّخاذ الاثنَين من الإله أي: لا عن اتّخاذ جنس الإله على ما سبق تقريره مفصَّلاً مشروحاً.

[3] قوله: [أي: من المسند إليه] تعيينٌ لمرجع الضمير. قوله وفي هذا إشعار إلخ أي: وفي قوله منه إشعار بأنّ المسند إليه إنّما هو المبدل منه إذ الضمير المجرور راجع إلى المسند إليه كما أشار إليه أوّلاً. قوله وهذا إلخ أي: وكون المسند إليه هو المبدل منه بالنظر إلى ظاهر قول النحاة في بيان تركيب الكلام لأنهم يجعلون الفاعل إلخ. قوله وإلاّ إلخ أي: وإن قطعنا النظر عن الظاهر فالمسند إليه في التحقيق هو البدل لأنهم عرّفوه بأنه تابع مقصود بما نسب إلى المتبوع دونه. قوله إيماء إلى ذلك أي: إلى أنّ المسند إليه بحسب الظاهر هو المبدل منه وبحسب الحقيقة هو البدل.

[4] قوله: [في بدَل الكُلّ] أي: يقال ذلك في بدَل الكلّ, وقِس عليه قولَه في بدَل البعض وقولَه في بدَل الاشتِمال, وفي هذه الزيادات إشارة إلى أنّ تعدّد الأمثلة لتعدّد الممثّل لها. قوله وهو الذي إلخ أي: وبدَل الكلّ البدل الذي يكون مصداقه عينَ مصداق المبدل منه, وسمّاه ابن مالك بـبدل المطابق.

[5] قوله: [وإن كان مفهوماهما متغايرَين] يرد عليه أنّ الحكم في نقيض مدخول إنْ الوصليّة أولى فيكون معناه أنه لو كان مفهوماهما متّحدَين كان بدَل الكلّ بالطريق الأولى, وهو باطل إذ لا بدّ من تغايرهما




إنتقل إلى

عدد الصفحات

400