عنوان الكتاب: المطول مع حاشية المؤول

والتقليل, وقد يُنكَّر المسند إليه[1] لعدَم عِلم المتكلّم بجهةٍ من جهات التعريف حقيقةً أو تجاهلاً, أو لأنه[2] يمنع عن التعريف مانع كقوله: إِذَا سَئِمَتْ مُهَنَّدَهُ يَمِيْنٌ * لِطُوْلِ الْحَمْلِ بَدَّلَهُ شِمَالاً, لم يقل: يَمِيْنُهُ احترازاً عن التصريح بنسبة السآمة إلى يمين الممدوح, وجَعَل صاحب "المفتاح"[3] التنكيرَ في قوله تعالى: ﴿وَلَئِن مَّسَّتۡهُمۡ نَفۡحَةٞ مِّنۡ عَذَابِ رَبِّكَ﴾ [الأنبياء:٤٦] للتحقير, واعترض المصنّف بأنّ التحقير مستفاد من بناءِ المرّة ونفس الكلمة لأنها[4] إمّا من قولهم: نَفَحَتِ الرِّيحُ إذا هَبَّتْ أي: هَبّةٌ أو من نَفَحَ الطِّيبُ إذا فاح أي: فَوْحَةٌ, وجوابه[5]


 



[1] قوله: [وقد يُنكَّر المسند إليه إلخ] بيانٌ لنكات أخرى لتنكير المسند إليه. قوله لعدم علم المتكلِّم أو المخاطَب أو كليهما. قوله بجهةٍ من جهات التعريف أي: بطريق من طرق التعريف, وفيه إشارة إلى أنّ مجرّد عدم الداعي إلى التعريف كافٍ في التنكير. قوله حقيقةً إلخ أي: سواء كان عدم العلم حقيقةً أو تجاهلاً لغرض من الأغراض كتحقيره وعدم الاعتداد به وإظهار أنه غير مُلتفَت إليه بخصوصه.

[2] قوله: [أو لأنه إلخ] أي: أو قد يُنكَّر المسند إليه لوجود مانع عن التعريف كلزومِ سوء الأدب أو إرادةِ الإبهام على السامع. قوله إِذَا سَئِمَتْ من السآمة وهو الملالة. والمُهنَّد السيف الهنديّ, وهو مفعول سَئِمَتْ ويَمِيْنٌ فاعله, يصف ممدوحه بالشَجاعة أي: إذا ملَّتْ يدُه اليُمنَى من سيفه المُهنَّد لطول حمله جَعَله في يده اليُسرَى ويضرب به الأعداء, والشاهد في يَمِيْنٌ حيث لم يقل يَمِيْنُهُ أو اليَمِيْنُ لأنّ في كلٍّ منهما تصريحاً بنسبة الملالة إلى يمين الممدوح وفيه نوع سوء الأدب.

[3] قوله: [وجَعَل صاحب "المفتاح" إلخ] تمهيدٌ لنقلِ اعتراض المصـ عليه ثمّ الجوابِ عن الاعتراض.

[4] قوله: [لأنها] أي: لأنّ نَفْحَةٌ. قوله أي: هَبّةٌ تفسير لقوله تعالى: ﴿نَفۡحَةٞ﴾ أي: معنى نَفْحَةٌ على هذا التقدير هَبَّةٌ وهي تدلّ على التحقير لأنها نسيم ضعيف, وكذا قوله أي: فَوْحَةٌ, وحاصل الاعتراض أنّ المتكلِّم إنّما يطلب الداعيَ إلى التنكير والتعريف بعد اعتبار اللفظ الدالّ على أصل المراد ولفظ النفحة بدون التنكير يدلّ على التحقير باعتبار المادّة والصورة فلا يكون التحقير داعياً إلى تنكيره.

[5] قوله: [وجوابه إلخ] أي: وجواب اعتراض المصـ أنه إن أراد أنّ لبناء المرّة ونفس الكلمة دخلاً في إفادة التحقير فهذا لا ينافي كونَ التنكير للتحقير لأنّ التحقير ممّا يقبل الشدّة والضعف فيجوز أن يستفاد من بناء المرّة ونفس الكلمة أصل التحقير ومن التنكير المبالغة في التحقير, وإن أراد أنّ التحقير المستفاد من الآية مفهوم من بناء المرّة ونفس الكلمة فقط ولا دخل للتنكير فيه أصلاً فهو ممنوع لأنّ الفرق ظاهر بين التحقير في نفحةٌ من العذاب بالتنكير وبين التحقير في نفحةُ العذاب بالتعريف بالإضافة فإنّ التحقير المستفاد من الأوّل أشدّ من التحقير المستفاد من الثاني.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

400