عنوان الكتاب: المطول مع حاشية المؤول

إذا كان الموصوف[1] متضمِّناً لمعنى ذلك الوصف (نحو: أمسِ الدابرُ كان يوماً عظيماً ) فإنّ لفظ أمْسِ ممّا يدلّ على الدُبور, وقد يكون الوصف[2] لبيان المقصود وتفسيره كما سيأتي, ومنه قوله تعالى: ﴿وَمَا مِن دَآبَّةٖ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَلَا طَٰٓئِرٖ يَطِيرُ بِجَنَاحَيۡهِ﴾ [الأنعام:٣٨] حيث وَصَف دابّةً وطائراً بما هو من خواصّ الجنس لبيان أنّ القصد[3] فيهما إلى الجنس دون الفرد وبهذا الاعتبار[4] أفاد هذا الوصف زيادة التعميم والإحاطة,


 



[1] قوله: [إذا كان الموصوف إلخ] أي: إنّما يكون الوصف تأكيداً إذا كان الموصوف إلخ, والمراد بالتأكيد هنا التقرير لا التأكيد الاصطلاحيّ؛ لأنه إنما يكون بألفاظ مخصوصة أو بتكرار اللفظ. قوله فإنّ لفظ إلخ تطبيق المثال بالممثَّل له. قوله يدلّ على الدُبور أي: على المُضيّ لأنّ أَمْسِ اليوم الذي قبل اليوم الحاضر, واعلم أنّ مثل هذا التأكيد إنّما يصدر من البلغاء إذا اقتضاه المقام كما إذا وقع في الأمس همّ وغمّ أو فرح وسرور فيُؤكَّد الأمس بالدابر للتلذّذ بدُبوره أو للتحسّر على مضيّه.

[2] قوله: [وقد يكون الوصف إلخ] إشارة إلى نكتة أخرى للوصف. قوله كما سيأتي أي: في بحث عطف البيان. قوله ومنه قوله إلخ أي: ومن الوصف لبيان المقصود وتفسيره قوله تعالى إلخ. قوله حيث وصف إلخ تطبيق المثال بالممثَّل له. قوله بما هو من خواصّ الجنس وهو الكونُ في الأرض بالنسبة إلى جنس الدابّة والطيرانُ بالجناحَين بالنسبة إلى جنس الطائر.

[3] قوله: [لبيان أنّ القصد إلخ] تعليل لقوله وَصَف يعني أنّ لفظ دابّة وطائر حامل لمعنى الجنس والوحدة فوُصِف بما هو من خواصّ الجنس لبيان أنّ القصد إلى الجنس فيفيد عموم كلّ فرد يصدق عليه الجنس. قوله دون الفرد أي: وليس القصد إلى الجنس مع الوحدة فيحتملَ أن يراد الوحدة النوعيّة فيفيدَ عموم أفراد نوع واحد بأن يراد به دابّة ترتع مثلاً وطائر يصيد مثلاً.

[4] قوله: [وبهذا الاعتبار إلخ] وباعتبار أنّ الوصف هنا للجنس أفاد زيادة التعميم وأمّا أصل التعميم فحاصل من وقوع النكرة في سياق النفي مقرونةً بـمِنْ الاستغراقيّة, وتوجيه ذلك أنّ النكرة في سياق النفي تفيد العموم والاستغراق لكنه يحتمل التأويل بأن يراد الاستغراق العرفيّ فذُكِر وصفٌ نسبتُه إلى جميع الدواب والطيور على السواء فاتّضح أن الاستغراق حقيقيّ, وخلاصة التوجيه أنه قبل الوصف كان نصًّا في الاستغراق وبعد الوصف صار مفسَّراً بالاستغراق الحقيقيّ.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

400