عنوان الكتاب: المقامات الحريرية

تطوَّر هذا الفنّ على أيدي كُتّاب البلاط كإبراهيم بن هلال الصابي المتوفى سنة أربع وسبعين وثلاث مائة هجرية, حتّى أصبح النثرُ المسجوعُ أسلوباً مميَّزاً وضرورياً لدى الأُدَباء وكُتّاب الإنشاء, ومن رَحِم هذا الأسلوب ظهر فنٌّ جديدٌ يُدعى فنُّ المقامات الذي يعود الفضل في ابتكاره وتأسيسه إلى بديع الزمان الهمذاني المتوفّى سنة ثمان وتسعين وثلاث مائة هجرية [1].

المقامة في اللغة: المجلس, ثمّ استعمل لقصّة وجيزةٍ أو حكايةٍ قصيرةٍ تدور حوادثُها في مجلسٍ واحدٍ مبنية على الكُدْيَة, وهي تشتمل على الكثير من دُرَر اللغة وفرائد الأدب والحِكَم والأمثال والأشعار النادرة [2].

قال المطرزي: وهي مفعلة من القيام, يقال: مقام ومقامة, كمكان ومكانة, وهما في الأصل اسمان لموضع القيام, إلاّ أنهم اتسعوا فيهما فاستعملوهما استعمال المكان والمجلس, قال الله تعالى: ﴿أَيُّ ٱلۡفَرِيقَيۡنِ خَيۡرٞ مَّقَامٗا وَأَحۡسَنُ نَدِيّٗا[مريم:٧٣], ثُمّ كثُر حتّى سمّوا الجالسين في المقامة ½مقامة¼ كما سمّوهم ½مجلساً¼, إلى أن قيل لِما يقام فيها من خُطبة أو عِظة أو ما أشبههما: ½مقامة¼ كما يقال له: ½مجلس¼, ويقال: مقامات الخُطَباء ومَجالِس القُصّاص, وهذا من باب إيقاعهم الشيء على ما يتصل به ويكثر ملابسته إياه, أو يكون منه بسبب, ومن ذلك تسميتهم السحاب سماء, قال الله تعالى: ﴿وَأَنزَلۡنَا مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ طَهُورٗا[الفرقان:٤٨] [3].

وقال الرازي: يدلّ على أنّ ½المقام¼ بالفتح اسم لمكان القيام إبدال الجَنات منه في قوله تعالى: ﴿ إِنَّ ٱلۡمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٖ  فِي جَنَّٰتٖ وَعُيُونٖ[الدخان:٥١-٥٢], والجَنات أمكنة, و½المُقام¼ بالضمّ الإقامة نفسها, وكذلك المُقامة, ومنه قوله تعالى: ﴿ ٱلَّذِيٓ أَحَلَّنَا دَارَ ٱلۡمُقَامَةِ مِن فَضۡلِهِۦ[فاطر:٣٥],


 



[1] المصباحي, تقديم, صـ٩.

[2] المصباحي, تقديم, صـ٩.

[3] المطرزي, خطبة الشارح, فصل في معنى المقامة, صـ٧٢.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

132