عنوان الكتاب: المقامات الحريرية

وقال الرازي: علم الأدب لسائر العلوم بمنزلة العِقد والوِشاح والقِلادة والأوضاح والتاج والإكليل والغُرّة والتحجيل, ومن أسنى مناقبه وأسمى مراتبه وأحل فوائده وأعظم محامده أنّ استنباط معاني كتاب الله تعالى وسنّة رسوله موقوفٌ على تحصيله ومنوط بمعرفة جملته وتفصيله وحسبه ذلك شرَفاً, لا غاية لسُموّه ولا نهاية لعُلوّه ولا منازع في اعتباره ولا مدافع لفَخاره [1].

مطالع علم الأدب

مطالع علم الأدب من ثلاثة أوجه: قلب مفكِّر، ولسان معبِّر، وبيان مصوِّر. فمن كان غبيًّا خامل الذهن، ليس له ذكاء ولا فكر راق، ولا خيال يصوِّر ما يريد إنشاءَه، ولا ذوق يميز به بين الغث والسمين، فأولى له أن يدع هذا العلم وينصرف إلى غيره ممّا هو أكثر فائدة له. وأما طلاقة اللسان فإنما يحتاج إليها مَن يريد أن يكون خطيبا، وهي شرطٌ مهمٌّ فيه [2].

المطالعة لحصول علم الأدب

وعلى المتأدب أن يكثر من مطالعة الكتب والرسائل الأدبية المشتملة على الجيد من المنظوم والمنثور، ليكون له من وراء ذلك سليقة عربية، ومادة وافرة. ويودع حافظته مختار اللفظ، وشريف المعنى، وبليغ الأسلوب، بحيث يستعمل ذلك عند الحاجة، ويحتذي مثاله.

أما درس الأدب مجرداً عن المطالعة فلا يفيد الطالب فائدة تشكر؛ لأنّ العلم بلا عمل أضر على صاحبه من الجهل. فالمطالعةُ تطبَع في الذهن ملكةَ البلاغة.

ولا ينبغي للمطالِع أن يقرأ مِن الكتب إلاّ ما هو مشتمِل على كلام فُحول البُلَغاء حتَّى يَنطَبِع في ذهنه أسلوبُهم، فينحُو مَنحاهم [3].


 



[1]     "شرح المقامات" للرازي, صـ١.

[2]          رجال المعلقات العشر, صـ٣٣.

[3]          رجال المعلقات العشر, صـ٣٣.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

132