عنوان الكتاب: المقامات الحريرية

وقال ابن خلّكان: كان الحريري أحد أئمة عصره, ورُزق الحظوَة التامة في عمل المقامات واشتملت على شيء كثير من كلام العرب, من لغاتها وأمثالها ورموز أسرار كلامها, ومن عرَفها حقّ معرفتها استدلّ بها على فضل هذا الرجل وكثرة اطلاعه وغزارة مادته [1].

أيهما أفضل مقامات الهمذاني أم مقامات الحريري

اختلفت آراء العلماء والأدباء في أنّ مقامات البديع تفضل مقامات الحريري أو على العكس, فيرى بعضهم أنّ مقامات البديع أفضل من مقامات الحريري.

قال الشريشي: سئل بعضهم علماء الأدب من أهل عصرنا عن الحريري والبديع, فقال: لَم يبلُغ الحريري أن يسمّى بديعَ يوم فكيف يقارن بديع الزمان.

ومن جملة أسباب تفضيل مقامات البديع على مقامات الحريري أنّ مقامات البديع ارتجال دون مقامات الحريري.

قال الشريشي: جرى ذكر مقامات البديع في مجلس بعض أشياخنا, وكان حافظاً أديباً, فقال: مقامات البديع يُحكى أنها ارتجال, وأنّ البديع كان يقول لأصحابه: اقترحوا غرضاً نبني عليه مقامة, فيقترحون ما شاءوا, فيملي عليهم المقامة ارتجالاً في الغرض الذي اقترحوه, وهذا أقوى دليل إنْ صحّ على فضل البديع.

ويرى جماعة من الأدباء أنّ مقامات الحريري تفضل مقامات البديع, وذلك لأسباب ووجوه:

۞  مقامات الحريري أحفل وأجزل وأكمل دون مقامات الهمذاني, فإنّ في مقامات الهمذاني قلّة إمتاع للسامع من حديثها؛ لأنّ فيها مقامات لا تبلغ عشرة أسطار أيضاً.

۞  في مقامات الحريري أنواع من البديع لَم يطرقها بديع الزمان الهمذاني, ومن هذه الأنواع الأحاجي والألغاز, ثم هنالك ما يقرأ طرداً وعكساً في "المقامة المغربية", وهنالك ما هو مهمل


 



[1] وفيات الأعيان, حرف القاف, الحريري صاحب المقامات, ٣/٤٩٢.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

132