عنوان الكتاب: المقامات الحريرية

وقال الجوهري: يجوز أن يكون كلّ واحد من ½المَقام¼ و½المُقام¼ للمكان وللفعل أيضاً [1].

أول من ابتكر المقامة

ليس فيما أُثر عن العرب مقاماتٌ سابقةٌ على مقامات بديع الزمان الهمذاني  ٣٩٨ﻫ فهو من أجل ذلك مخترِع هذا الفنّ, هذا هو رأي أكثر الأُدَباء, وإلى ذلك جنَح الحريري حيث قال في مقدّمة مقاماته: المقامات التي ابتدعَها بديع الزمان وعلامة همذان...إلخ, على أنّ نفراً من الأدباء يُحبّون أن يقولوا إنّ بديع الزمان اشتقّ فنّ المقامات من فنّ قصصي سابق, قيل: إنّ مقامات بديع الزمان مشتقّةٌ من ½أحاديث ابن دُرَيد¼ وابن دُريد هذا كان راويةً وعالماً ولغوياً, وقد عنى برواية أحاديث عن الأعراب وأهل الحضر, ولا ريب في أنّ بين أحاديث ابن دريد وبين المقامات شَبَهاً قويًّا من حيث القصص والسجع, ولكنّ هناك فروقاً كبيرةً أيضاً في الصناعة, وفي العقدة وفي وجود بطلٍ للمقامات, وهو المُكدي, وفي انبناء المقامة على الكُدْية, وعلى الهزء من عقول الجماعات مع إظهار المقدرة في فنون العلم والأدب, إلى ما هنالك من خصائص المقامات.

وهنالك رجال آخَرون قاموا بتأليف المقامات كالزمخشري وغيره إلاّ أنها لم تشتهر اشتهار مقامات الهمذاني والحريري, ولم تتداوله الأيدي كما تداولت مقاماتهما [2].

السبب الذي دعا الحريري إلى تأليف مقاماته

قال ابن خلّكان: وكان سبب وضعه لها ما حكاه ولدُه أبو القاسم عبد الله قال: كان أبي جالساً في مَسجدِه بـ"بني حرام" فدخل شيخٌ ذو طِمرَين, عليه أهبة السفر, رثُّ الحال, فصيحُ الكلام, حسن العبارة، فسألته الجماعةُ: من أين الشيخ؟ فقال: من سَرُوج، فاستخبروه عن كنيته, فقال: أبو زيد، فعمل أبي المَقامَة المَعروفة بالحَرامية، -وهي الثامنة والأربعون-، وعَزاها إلى أبي


 



[1] "شرح المقامات" للرازي, صـ٣.

[2] المصباحي, تقديم, صـ١٠-١٢.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

132