عنوان الكتاب: المقامات الحريرية

وألْـجـأنـي الدّهْـرُ حـتّـى ولَجْـتُ

 

بلُطْفِ احتِيالي على اللّيثِ عِيصَه [1]

عـلـى أنّــنــي لـم أهَــبْ صـرفَــهُ

 

ولا نـبَـضَـتْ لـي مِـنْـهُ فَـريـصَـه [2]

ولا شــرَعــت بــي عـلــى مَــورِدٍ

 

يُـدنّـسُ عِـرضيَ نـفْسٌ حَـريصَـه [3]

ولـو أنْـصَفَ الـدّهـرُ فـي حُـكـمِـهِ

 

لَما ملّكَ الحُكْمَ أهـلَ النّـقيصَـه [4]

ثمّ قال لي: اُدْنُ فكُلْ, وإنْ شِئْتَ فقُم وقُلْ [5],


 



[1] قوله: [ألْجأني الدّهْرُ...إلخ] ½ألجأني¼ أي: اضطرّني, و½ولجتُ¼ دخلت, و½لطف¼ رقّة وتلطّف, و½الليث¼ الأسد, و½العِيص¼ الشجر الملتفّ, وهو مضاف إلى الأسد في قوله: ½عيصه¼؛ لأنه مأوى الأسود, يقول: اضطرّني الدهرُ بإيقاع الفقر والمسكنة عليّ إلى المَكر والاحتيال, فاخترتُ الحِيلَ وفزتُ في كلّ ما أردتُ حتّى دخلتُ برقّة تلطّف في مأوى الأسُود. (الرازي, المصباحي)

[2] قوله: [على أنّني لم أهَبْ صرفَهُ...إلخ] ½لم أهب¼ لم أخُف, و½الهيبة¼ و½المهابة¼ الإجلال والمخافة, و½صرف الدهر¼ حوادثه؛ لأنه يصرف الأشياءَ عن وجوهها, و½نبضت الفريصة¼ أي: ارتعدت من الفزع, و½الفريصة¼ بين الكتف والجنب, وأكثر ما ترعد من الفزع. (مغاني)

[3] قوله: [ولا شرَعت بي على مَورِدٍ...إلخ] ½شرعت¼ دخلت, والباء للتعدية, وفاعله ½نفس حريصة¼, و½على¼ بمعنى ½في¼ نحو قولك: ½كان ذلك على عهد فلان¼ أي: في عهده, و½مورد¼ موضع الماء, و½يدنّس¼ يوسخ ويعيب, و½عِرضي¼ ذكري, و½نفس حريصة¼ كثيرة الرغبة والطمع, يقول: إنّي مع كثرة حِيلي لم أرتكب ما يكون عاراً لي, ولم توردني نفسٌ طمّاعةٌ مورداً يوسّخ عرضي ويلطّخ عزّي بدنس وعيب. (الشريشي, المصباحي)

[4] قوله: [ولو أنْصَفَ الدّهرُ في حُكمِهِ...إلخ] ½أنصف¼ أي: عدل, و½في حكمه¼ أي: في قضائه, ½النقيصة¼ الخصلة القبيحة يفعلها الرجل فينقص بها, يقول: الدهر لا ينصف, فإنه لو كان منصفاً فيما يقضيه لما قلّد أصحاب النقيصة مناصب الحكم والملك. (الشريشي, المصباحي)

[5] قوله: [وإنْ شِئْتَ...إلخ] يعني: حدّث الناسَ بما شاهدت منّي من المنكرات فإني ما أبالي بلومهم. (الرازي)




إنتقل إلى

عدد الصفحات

132